غسله نظر في عينه فرأى فيها شيئا فانكب عليه فأدخل لسانه فمسح ما كان فيها، فقال:
بأبي وأمي يا رسول الله صلى الله عليك طبت حيا وطبت ميتا.
قال العالم ع: وكتب أبي في وصيته أن أكفنه في ثلاثة أثواب: أحدها رداء له حبرة وكان يصلى فيه يوم الجمعة وثوب آخر وقميص، فقلت لأبي: لم تكتب هذا؟ فقال:
إني أخاف أن يغلبك الناس، يقولون: كفنه بأربعة أثواب أو خمسة فلا تقبل قولهم، وعصبته بعد بعمامة، وليس تعد العمامة من الكفن إنما تعد مما يلف به الجسد، وشققنا له القبر شقا من أجل أنه كان رجلا بدينا وأمرني أن أجعل ارتفاع قبره أربعة أصابع مفرجات.
وقال العالم ع: تتوضأ إذا أدخلت القبر الميت واغتسل إذا غسلته ولا تغتسل إذا حملته، وإذا أردت أن تصلي على الميت فكبر عليه خمس تكبيرات يقوم الإمام عند وسط الرجل وصدر المرأة، يرفع اليد بالتكبير الأول ويقنت بين كل تكبيرتين والقنوت ذكر الله والشهادتين والصلاة على محمد وآله والدعاء للمؤمنين والمؤمنات، هذا في تكبيرة بغير رفع اليدين ولا تسليم لأن الصلاة على الميت إنما هو دعاء وتسبيح واستغفار، وصاحب الميت لا يرفع الجنازة ولا يحثو التراب، ويستحب له أن يمشي حافيا حاسرا مكشوف الرأس، وروي أنه يعمل صاحب كل مصيبة فيها على مقدارها في نفسه ومقدار مصيبته في الناس.
ويصلى عليه أولى الناس به، فإذا وضعته عند القبر وجعلت رأس الميت مما يلي الرجلين وينتظر هنيهة ثم يسل سلا رفيقا فيوضع في لحده، ويكشف وجهه ويلصق خده الأرض ويلصق أنفه بحائط القبر ويضع يده اليمنى على أذنه وروي يضع فمه على أذنه الذي يدفنه ويذكر ما يجب أن يذكر من الشهادتين ويتبعه بالدعاء، ويجعل معه في أكفانه شيئا من طين القبر وتربة الحسين بن علي ع، ويغتسل الغاسل ويتوضأ الدافن إذا خرج من القبر.
وتقول في التكبيرة الأولى في الصلاة: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إنا لله وإنا إليه راجعون الحمد لله رب العالمين رب الموت والحياة وصلى الله على محمد وعلى أهل بيته وجزى الله محمدا عنا خير الجزاء بما صنع لأمته وما بلغ من رسالات ربه، ثم يقول: اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيته بيدك، تخلي من الدنيا