استحباب تأخيره كما يقول أبو حنيفة ثم اختلفوا فقال أبو حنيفة يجوز التيمم قبل دخول الوقت وقال الشافعي ومالك لا يجوز إلا بعد دخول وقت الصلاة دليلنا على صحة مذهبنا إجماع الفرقة المحقة وأيضا فإن التيمم إنما أبيح للضرورة والحاجة ولا يجوز استعماله قبل تحقق الضرورة وتأكيد الحاجة أ لا ترى أن أكل الميتة للضرورة ولم يجز استعماله إلا عند تأكيدها.
المسألة الثانية والخمسون:
السعي في طلب الماء واجب، وهذا صحيح وطلب الماء واجب عندنا ولا يجوز التيمم قبل الطلب وافقنا على ذلك الشافعي وقال أبو حنيفة وأصحابه الطلب غير واجب دليلنا على صحة مذهبنا إجماع الفرقة المحقة وأيضا فإن تحقيق الكلام في هذه المسألة وتقريره يقتضي الاجماع على أن الطلب واجب وإنما يبقى الكلام في كيفية الطلب لأنا نقول لأصحاب أبي حنيفة خبرونا عمن لا يجد ما يخصص به وكان بين يديه إناء مغطى الرأس يجوز أن يكون فيه ماءا يوجبون عليه كشفه ومعرفة ما فيه أم لا يوجبون ذلك؟ فإن قالوا لا يجب عليه كشف الإناء وجايز له التيمم لأنه غير واجد الماء ولا عالم به قلنا لهم هذا مما لا نظنكم ترتكبونه ولا أحد من الأمة تجوزوه وقد صرح أبو يوسف ومحمد بأن من لم يكن معه ما يطمع في أن يعطيه رفيقه وجب عليه سؤاله وطلب الماء منه ولم يجز له التيمم إلا بعد أن يأس ويمنعه الرفيق وهذا قول من لا يجيز ما فرضناه وحققناه فإن فرقوا بين طلب الماء من الرفيق وبين كشف الإناء فإن قالوا هو متحقق لوجود الماء مع الرفيق وليس يتحقق أن الماء في الإناء قلنا لا فرق بين الأمرين لأنه وإن تحقق وجود الماء مع الرفيق فإنه لا يتحقق بذله له وتسليمه إليه فإنما يطمع في ذلك ويجوز أن يفعل وإلا يفعل على سواء وكذلك الإناء المغطي لأنه يطمع أن يكون فيه ما يجوزه وليس بآيس منه فيجب عليه طلبه منه فإن أوجبوا كشف الإناء المغطي وطلب الماء منه فقد أوجبوا الطلب عند الطمع في وجود الماء وإنما ينفي كيفية الطلب وغايته وحده وسقط الخلاف في هذه المسألة.