وأما النفساء فهي التي تضع حملها فيخرج معه الدم فعليها أن تعتزل الصلاة وتجتنب الصوم ولا تقرب المسجد كما ذكرناه في باب الحائض والجنب، فإذا انقطع دمها استبرأت كاستبراء الحائض بالقطن، فإذا خرج نقيا من الدم غسلت فرجها منه وتوضأت وضوء الصلاة ثم اغتسلت كما وصفناه من الغسل للحيض والجنابة، وإن خرج على القطن دم أخرت الغسل إلى آخر أيام النفاس وهو انقطاع الدم عنها. وأكثر أيام النفاس ثمانية عشر يوما، وقد جاءت أخبار معتمدة في أن أقصى مدة النفاس مدة الحيض وهو عشرة أيام وعليه أعمل لوضوحه عندي، فإن رأت النفساء الدم يوم التاسع عشر من وضعها الحمل فليس ذلك من النفاس وإنما هو استحاضة فلتعمل بما رسمناه للمستحاضة وتصلي وتصوم، وكذلك إذا رأت الحائض دما في اليوم الحادي عشر من أول حيضها اغتسلت بعد الاستبراء والوضوء وصلت وصامت فذلك دم استحاضة وليس بحيض على ما قدمناه.
ويكره للحائض والنفساء أن يخضبن أيديهن وأرجلهن بالحناء وشبهه مما لا يزيله الماء لأن ذلك يمنع من وصول الماء إلى ظاهر جوارحهن التي عليها الخضاب، وكذلك مكروه للجنب الخضاب بعد الجنابة وقبل الغسل منها، فإن أجنب بعد الخضاب لم يحرج بذلك، وكذلك لا حرج على المرأة أن تختضب قبل الحيض ثم يأتيها الدم وعليها الخضاب، وليس الحكم في ذلك كالحكم في استئنافه مع الحيض والجنابة على ما بيناه.
باب التيمم وأحكامه:
وإذا فقد المحدث الماء أو فقد ما يصل به إلى الماء أو حال بينه وبين الماء حائل من عدو أو سبع أو ما أشبه ذلك أو كان مريضا يخاف التلف باستعمال الماء أو كان في برد أو حال يخاف التلف باستعمال الماء أو كان في برد أو حال يخاف على نفسه فيها من الطهور بالماء فليتيمم بالتراب كما أمر الله تعالى ورخص فيه للعباد فقال جل اسمه: وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه، والصعيد هو التراب وإنما سمي صعيدا لأنه يصعد من الأرض على وجهها، والطيب منه ما لم تعلم فيه نجاسة.