تضمنت العدة بالأشهر، ويأتي بيان جميع ذلك.
باب وجوب الطهارة وكيفيتها وما به تكون وما ينقضها:
الدليل على هذه الأشياء الأربعة - التي هي مدار الطهارتين وما يقوم مقامهما عند الضرورة - آيتان من المائدة والنساء، وهما:
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين.
وقوله سبحانه: يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى.
وظاهر هذا الخطاب متوجه إلى من كان على ظاهر الإيمان، فأما الكافر فلا يعلم بهذا الظاهر أنه مخاطب به ويعلم ذلك بآية أخرى ودلالة عليه به أحرى.
وإنما أمر المؤمنون به - وهو واجب على الكل - لأنه بعد الدخول في الملة، ومن أتى الاسلام يؤمر به ثم يؤمر بفروعه، على أنه يمكن أن يقال: إن التخصيص ههنا ورد للتغليب والتشريف وإن كان الكل مرادا، كقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا.
ألا ترى أن أسباب التكليف التي حسن الخطاب لأجلها حاصلة للمؤمن والكافر، ويوضح ذلك ويبينه قوله تعالى: يا أيها الناس اعبدوا ربكم، ولا خلاف أنه ينبغي أن يحمل على عمومه في كل ما هو عبادة الله وإن كان خاصا في المكلفين منهم الذين أوجب الله ذلك عليهم أو ندبهم إليه، والآية متوجهة إلى جميع الناس ممن يصح مخاطبته مؤمنهم وكافرهم لحصول العموم فيها إلا من ليس بشرائط التكليف على ما ذكرناه.
فالكافر إذا لا بد أن يكون مخاطبا بالصلاة وبجميع أركان الشريعة لكونها واجبة عليه لأنه مذموم بتركها متمكن من أن يعلم وجوبها ويعاقب غدا عليه أيضا، أ لا ترى إلى قوله تعالى حكاية عن الكفار: قالوا لم نك من المصلين، ولا يقدح في وجوب ذلك بأنه إذا أسلم لا يجب عليه قضاء ما فاته، لأن القضاء هو الفرض الثاني.
فإن قيل: كيف يجوز أن يكون مخاطبين بذلك ولم يكن موجودين في ذلك الوقت، ومن