وابن حي والشافعي وداود بالمسح على الخفين دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتكرر قوله تعالى: وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم فأوجب تعالى إيقاع المسح على ما هو رجل على الحقيقة وقد علمنا أن الخف لا يسمى رجلا في لغة ولا شرع ولا عرف كما أن العمامة لا تسمى رأسا والبرقع لا يسمى وجها وليس لهم أن يعترضوا بقول القائل وطأت كذا رجلي وإن كان لابسا للخف لأن ذلك مجاز واتساع بلا خلاف والمجاز لا يحمل عليه الكتاب إلا بدليل قاهر ويدل على ذلك أيضا ما روي عنه ع من أنه توضأ مرة مرة وقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به ولا خلاف أنه أوقع الفعل في تلك الحال على الرجل دون الخفين فوجب مطابقة الخبر ألا يجوز إيقاعه على غيرهما وليس لأحد أن يدعي في الآية وهذا الخبر جميعا أنهما إنما يتناولان من كان ظاهر الرجل دون لابس الخف لأن ذلك تخصيص العموم بغير دليل ويدل على ذلك أيضا ما روي عن أمير المؤمنين ع من أنه قال نسخ الكتاب المسح على الخفين. رواية أخرى ما أبالي مسحت على الخفين أو على ظهر عير بالفلاة ولم نر أحدا من الصحابة خالفه في ذلك أو اعترض قوله بإنكار مع ظهوره وروي عن ابن عباس أنه قال سبق كتاب الله المسح على الخفين ولم ينكر ذلك أحد عليه وروي عن عائشة أنها قالت لأن تقطع رجلاي بالمواسي، أحب إلى من أن امسح على الخفين ولم نعرف رادا لقولها أو منكرا عليها فأما الأخبار التي رووها من أن النبي ص مسح على خفيه وأباح المسح على الخفين فلا يعارض ظاهر الكتاب لأن نسخ الكتاب أو تخصيصه بها ولا بد من أحدهما غير جائز ولنا أيضا على سبيل الاستظهار ويحملها على ظاهر الضرورة إما لبرد شديد يخاف منه على النفس أو الأعضاء أو لعدو مرهق والضرورة يبيح ذلك عندنا وهذه المسألة أيضا مما استقصيناه في مسائل الخلاف فمن أراد استيفائها أصابه هناك وأما من مسح مقلدا أو مجتهدا إذا وقف على خطائه بعد ذلك فلا شبهة في أنه يجب عليه إعادة الصلاة لأنه ما أدى الفرض لأن الله تعالى أوجب عليه تطهير رجليه فطهر غيرهما.
(١٥٨)