كل واحد منها الطهارة، فغلظت أحكامها من هذا الوجه على حكم الدم.
فصل:
فأما من كان به بثور يرشح منها الدم دائما لم يكن عليه حرج في الصلاة به، وكذا إن كان به جراح ترشح دما وقيحا فله أن يصلى فيها وإن كثر ذلك، يدل عليه قوله: ما جعل عليكم في الدين من حرج، ونحن نعلم لو ألزم المكلف إزالة ذلك لحرج به وربما تفوته الصلاة مع ذلك فأباحه الله رأفة بعباده.
والآية دالة أيضا على أن حكم الثوب إذا أصابه دم البق والبراغيث فلا حرج أن يصلى فيه وإن كان كثيرا لأنه مما لا يمكن التحرز منه وإنه تعالى رفع الحرج عن المكلفين.
وقد قدمنا أن الخمر ونبيذ التمر الذي نش وكل مسكر لا يجوز الصلاة فيه وإن كان قليلا حتى يغسل بالماء، ويدل عليه قوله: إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس، وإذا ثبت أنه نجس يجب إزالته، ثم قال " فاجتنبوه "، أمر باجتناب ذلك على كل حال. وظاهر أمر الله شرعا على الإيجاب فيجب اجتناب ما يتناول اللفظ على كل وجه.
باب الزيادات في الخبر:
إذا سمعت الله تعالى يقول: يا أيها الذين آمنوا، فارع لها سمعك فإنها لأمر يؤمر به أو لنهي ينهى عنه. وقال الصادق ع: لذة ما في النداء أزالت تعب العبادة والعناء.
وقوله: ولا يشرك بعبادة ربه أحدا، يدل على أنه يكره أن يستعين الانسان في الوضوء أو الغسل بمن يصب الماء عليه، بل ينبغي أن يتولاه بنفسه، ومن وضأه غيره وهو متمكن منه لم يجزئه، وكذلك في الغسل إذا تولاه غيره مع تمكنه لا يكون مجزئا، لقوله: فاغسلوا وجوهكم، و: إن كنتم جنبا فاطهروا، فإنه إذا لا يكون متطهرا، فإن كان عاجزا عن الوضوء أو الغسل لمرض أو ما يقوم مقامه بحيث لا يتمكن منه لم يكن به بأس، لقوله " ما جعل عليكم في الدين من حرج ".