المسألة الخامسة والخمسون: ومن لم يجد ماء ولا ترابا نظيفا وجب عليه أن يصلى بغير طهارة فإن وجد الماء أو التراب بعد مضى وقتها فلا إعادة عليه وليس لأصحابنا في هذه المسألة نص صريح ويقوى في نفسي بأنه إذا لم يجد ماء ولا ترابا نظيفا فإن الصلاة لا تجب عليه وإذا تمكن من الماء والتراب النظيف قضى الصلاة وإن كان الوقت قد خرج وهو مذهب أبي حنيفة ومحمد في بعض الروايات عن محمد وفي رواية أخرى عنه أن يصلى ويعيد قال الشافعي وأبو يوسف يصلى بغير طهارة ثم يقضي الدليل على صحة ما اخترناه قوله تعالى ولا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى إلى قوله تغتسلوا فمنع من فعل الصلاة مع الجنابة إلا بعد الاغتسال وأيضا قوله ع لا يقبل الله صلاة بغير طهور والطهور هو الماء عند وجوده والتراب عند فقده وقد عدمها جميعا فوجب أن لا يكون له صلاة وليس للمخالف أن يتعلق بقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى قوله تعالى أقم الصلاة طرفي النهار لأنه تعالى إنما أمر بإقامة الصلاة وهذه ليست بصلاة لأنها بغير طهارة ولا يتناولها الاسم.
المسألة السادسة والخمسون:
فإن وجد ماء لوجهه ويده غسلهما ولا يتيمم عليه هذا قول واقف لأن من وجد من الماء ما يكفيه لوجهه ويده فغسلهما كيف تستبيح الصلاة وهو ما أكمل الطهارة بالماء التي هي في أربعة أعضاء ولا يتمم وإنما اختلف الفقهاء في من وجد من الماء ما لا يكفيه لجميع أعضائه فعندنا أن من كانت هذه حاله يجب عليه التيمم ولا يستعمل الماء الذي لا يكفيه وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه والمزني وقال الشافعي يستعمل الماء فيما يكفيه من أعضائه ولم يقل أحد إنه إن وجد من الماء ما يكفيه لبعض الأعضاء استعمله فيه ولم يتيمم والإجماع سابق لهذا القول الحادث فأما الدليل على صحة قولنا في المسألة التي حكيناها فهو الآية وأنه تعالى أوجب التيمم عند عدم الماء وإنما عني بقوله الماء الكافي لها لا محالة فصار وجود ما لا يكفي كعدمه أ لا ترى أنه إذا وجد ما يخاف العطش إن استعمله في وضوء وجب عليه