باب المياه وأحكامها وما يجوز التطهر به منها وما لا يجوز:
قال الله عز وجل: وأنزلنا من السماء ماء طهورا، فكل ماء نزل من السماء أو نبع من الأرض عذبا كان أو ملحا فإنه طاهر مطهر إلا أن ينجسه شئ يتغير به حكمه، والجاري من الماء لا ينجسه شئ يقع فيه من ذوات الأنفس السائلة فيموت فيه ولا شئ من النجاسات إلا أن يغلب عليه فيغير لونه أو طعمه أو رائحته وذلك لا يكون إلا مع قلة الماء وضعف جريه وكثرة النجاسة.
وإذا وقع في الماء الراكد شئ من النجاسات وكان كرا وقدره ألف رطل ومائتا رطل بالبغدادي. وما زاد على ذلك لم ينجسه شئ إلا أن يتغير به كما ذكرناه في المياه الجارية، هذا إذا كان الماء في غدير أو قليب وشبهه، فأما إن كان في بئر أو حوض أو إناء فإنه يفسد بسائر ما يموت فيه من ذوات الأنفس السائلة وبجميع ما يلاقيه من النجاسات ولا يجوز التطهر به حتى يطهر، وإن كان الماء في الغدران والقلبان وما أشبههما دون ألف رطل ومائتي رطل جرى مجرى مياه الآبار والحياض التي يفسدها ما وقع فيها من النجاسات ولم تجز الطهارة به.
ولا يجوز الطهارة بالمياه المضافة كماء الباقلي وماء الزعفران وماء الورد وماء الآس وماء الأشنان وأشباه ذلك حتى يكون الماء خالصا مما يغلب عليه وإن كان طاهرا في نفسه وغير منجس لما لاقاه. ولا يجوز الطهارة أيضا بالمياه المستعملة في الغسل من النجاسات كالحيض والاستحاضة والنفاس والجنابة وتغسيل الأموات. ولا بأس بالطهور بماء قد استعمل في غسل الوجه واليدين لوضوء الصلوات وبماء استعمل أيضا في غسل الأجساد الطاهرة للسنة، كغسل الجمعة والأعياد والزيارات، والأفضل تحري المياه الطاهرة التي لم تستعمل في أداء فريضة ولا سنة على ما شرحناه.
ولا تجوز الطهارة بأسآر الكفار من المشركين واليهود والنصارى والمجوس والصابئين وأسارهم هو ما فضل في الأواني مما شربوا فيه أو توضؤا به أو مسوه بأيديهم وأجسادهم. ولا يجوز التطهر بسؤر الكلب والخنزير ولا بأس بسؤر الهر فإنها غير نجسة، وإذا ولغ الكلب في الإناء وجب أن يهرق ما فيه ويغسل ثلاث مرات - مرتين منهما بالماء ومرة