وأما الراكد الذي ليس من مياه الآبار فهو على ضربين: أحدهما أن يكون مقداره كرا أو أكثر منه والآخر أن يكون أقل من كر. فأما ما كان مقداره كرا أو أكثر منه فليس ينجس بملاقاة شئ من ذلك له إلا أن يتغير بذلك أحد أوصافه التي هي الريح واللون والطعم، فإذا حصل كذلك كان نجسا، وأما ما كان مقداره أقل من كر فإنه ينجس بملاقاة ذلك له تغير بذلك أحد أوصافه أو لم يتغير. والكر هو ما كان مقدار ألف رطل ومائتي رطل بالعراقي، أو ثلاثة أشبار ونصف طولا في مثل ذلك عرضا في مثل ذلك عمقا.
مياه الآبار:
وأما مياه الآبار فإنها تنجس بما يلاقيها من ذلك قليلا كان ماؤها أو كثيرا تغير بذلك أحد أوصافها أو لم يتغير، فإذا حصلت كذلك لم يجز استعمالها إلا بعد تطهيرها، وتطهيرها أن يكون بالنزح منها، والنزح منها على ثلاثة أضرب: أولها: نزح جميع الماء فإن لم يتمكن من ذلك لكثرته وقوة مادته ونبعة تراوح عليه أربعة رجال يستقون منه من أول النهار إلى آخره ثم يحكم بطهارته. وثانيها: نزح كر. وثالثها: نزح مقدار بالدلاء.
فأما ما ينزح جميع الماء على ما قدمناه فهو وقوع شئ من الخمر فيها وكل شراب مسكر والفقاع والمني ودم الحيض والاستحاضة والنفاس وعرق الإبل الجلالة وموت البعير فيها وكل ما كان جسمه مقدار جسمه أو أكثر. وذكر في ذلك عرق الجنب إذا كان جنبا من حرام وجميع ما كان نجسا ولم يرد في النزح منه مقدار معين.
وأما ما ينزح منه كر فهو موت الخيل فيها والبغال والحمير وكلما كان جسمه بمقدار أجسامهم.
وأما ما ينزح منه مقادير الدلاء فهو ثمانية أضرب: أولها: سبعون، وثانيها: خمسون، وثالثها: أربعون، ورابعها: عشرة وخامسها: سبع، وسادسها: خمس، وسابعها: ثلاث، وثامنها: دلو واحد. وأما السبعون فينزح من موت الانسان فيها، وأما الخمسون فينزح من وقوع الدم المخالف لدم الحيض والاستحاضة والنفاس إذا كان كثيرا فيها والعذرة الرطبة والمتقطعة، وأما الأربعون فينزح إذا مات فيها شئ من الكلاب والخنازير والغنم