المسألة الرابعة والأربعون غسل الإحرام واجب في أحد الروايتين وهو سنة في الرواية الأخرى. الصحيح عندي أن غسل الإحرام سنة لكنها مؤكدة غاية التأكيد فلهذا اشتبه الأمر فيها على أكثر أصحابنا واعتقدوا أن غسل الإحرام واجب لقوة ما ورد في تأكيده والذي يدل على أنه غير واجب أن الوجوب إنما يعلم شرعا والأصل نفي الوجوب فمن ادعى ذلك فعليه الدليل ولا دليل في ذلك يقطع العذر.
المسألة الخامسة والأربعون غسل الاستحاضة التي يتميز أيام حيضها من طهرها لكل صلاتين فضل لا فرض عندنا أن المستحاضة إذا احتشت بالقطن نظر فإن لم يثقب الدم القطن ولم يظهر عليه كان عليها تغيير ما تحتشي به عند كل صلاة وتجدد الوضوء لكل صلاة وإن ثقب الدم القطن ورشح عليه ولم يسل عنه كان عليها تغييره عند كل صلاة وتغتسل لصلاة الفجر خاصة وتصلي باقي الصلاة بوضوء تجدده عند كل صلاة فإن ثقب الدم ما تحتشي به وسأل فعليها أن تصلي صلاة الليل والغداة بغسل والظهر والعصر بغسل والمغرب وعشاء الآخرة بغسل وقال الشافعي والثوري في المستحاضة إنها تتوضأ لكل صلاة فريضة وقال أبو حنيفة وأصحابه تتوضأ لوقت كل صلاة وقال مالك والليث وداود ليس على المستحاضة وضوء إلا أن مالكا يستحبه فأما الذي يدل على صحة هذا الترتيب الذي رتبناه وحكيناه عن أصحابنا فهو إجماع الفرقة المحقة عليه وأما الذي يبطل قول من أسقط الوضوء عنها فهو ما روي عن النبي ع أنه قال لفاطمة بنت أبي حبيش:
اغسلي عنك الدم وتوضأ لكل صلاة فأمرها بالوضوء وأمره ع على الوجوب وروى عدي بن ثابت عن أبيه عن جده قال المستحاضة تتوضأ لكل صلاة وهذه الأخبار تبطل خلاف مالك وداود وتبطل أيضا مذهب أبي حنيفة لأنه أمر فيها بالوضوء لكل صلاة غير وقت الصلاة وأما الذي يبطل مذهب من يرى أن غسل المستحاضة فضل لا فرض فيه فهو أنه مأمور به والأمر بظاهره يقتضي الوجوب والقول بأنه فضل اخراج الأمر عن ظاهره.