وأعلم أن التيمم إنما يجب على المكلف بأن يكون محدثا ويتضيق عليه وقت الصلاة حتى يصير الباقي منه بمقدار ما يؤدى فيه تلك الصلاة، ويجتهد في طلب الماء في رحله وفي الأرض الحزنة مقدار رمية سهم وفي السهلة رمية سهمين أمامه وخلفه ويمينه وشماله.
وإذا لم يجده في رحله أو يفقد التمكن من استعمال الماء ولا فرق في ذلك بين أن يكون فقده من التمكن له بعدم ثمن أو لأنه يكون معه منه مقدار يعده للشرب ويخاف إن توضأ به استضر بذلك في نفسه أو لأنه يكون في موضع يخاف على نفسه أو ماله من عدو أو سبع إن هو مضى إليه، أو ما جرى مجرى ذلك أو لمرض أو جراح أو غيرهما مما يخاف على نفسه من استعمال الماء عليه أو لتزايد مرض من استعماله أو لأنه غير موجود جملة فمتى حصلت هذه الوجوه أو بعضها سقط وجوب الوضوء، وإذا اجتمعت هذه الوجوه وجب التيمم، فإن كان متمكنا من ابتياعه من غير مضرة تلحقه وجب عليه ابتياعه، وإن كان عليه في ابتياعه مضرة يسيرة كان كذلك أيضا.
وإذا خاف على نفسه التلف من البرد الشديد مسافرا كان أو حاضرا كان عليه التيمم بدلا من الوضوء أو من الغسل فإذا صلى وهو على هذه الصفة لم يلزمه إعادة الصلاة التي صلاها وهو كذلك.
وإذا أجنب نفسه مختارا كان عليه الغسل وإن لحقته منه مشقة شديدة لا تبلغ إلى تلف النفس، فإن خاف على نفسه التلف كان عليه التيمم ويصلى، فإذا زال الخوف اغتسل وأعاد الصلاة.
وإن كان مريضا أو كبيرا أو مجدورا أو به جروح أو قروح يخاف على نفسه لأجلها من استعمال الماء تيمم وصلى ولم يلزمه إعادة ما صلى بتيممه، ومتى عرضت له جنابة من غير اختياره وكان في المسجد الحرام أو مسجد النبي ص فلا يخرج منه حتى يتيمم من مكانه، وإن كان في بعض المساجد في يوم جمعة وانتقض وضوءه فلم يتمكن من الخروج تيمم من موضعه وصلى فإذا خرج توضأ وأعاد الصلاة، وإذا كان في رحله شئ من الماء ونسيه ثم تيمم وصلى وعلم بعد ذلك والوقت باق توضأ وأعاد الصلاة، وإن كان الوقت قد انقضى لم يلزمه ذلك.