المسألة الثامنة والعشرون:
يدخل المرفقان في الوضوء وهذا صحيح، وعندنا أن المرافق يجب غسلهما مع اليدين وهو قول جميع الفقهاء إلا زفر بن الهذيل وحده. وحكي عن أبي بكر بن داود الإصفهاني مثل قول زفر في هذه المسألة. دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه إجماع الفرقة المحقة وأيضا قوله تعالى: وأيديكم إلى المرافق ولفظة إلى قد تستعمل الغاية وتستعمل أيضا بمعنى مع وكلا الأمرين حقيقة قال الله تعالى: ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم أراد بلا خلاف مع أموالكم وقال تعالى حاكيا عن عيسى: من أنصاري إلى الله أراد مع الله وتقول العرب ولى فلان الكوفة إلى البصرة وإنما يريدون مع البصرة من غير التفات إلى الغاية ويقولون أيضا فلان فعل كذا وأقدم على كذا هذا إلى ما فعله من كذا وكذا وإنما يريدون مع ما فعله وبعد فإن لفظة إلى إذا احتملت الغاية واحتملت أن تكون بمعنى مع فحملها على معنى مع أولى لأنه أعم في الفائدة وأدخل في الاحتياط لفرض الطهارة وشبهه من أخرج المرافق من الوضوء أنه جعل إلى للغاية والحد وظن أن الحد لا يدخل في المحدود وهذا ليس صحيح لأنا قد بينا أن لفظة إلى مشتركة بين الغاية وغيرها ولو حملت على الغاية لكان دخول المرافق واجبا لأنه أولى في باب الاستظهار للفرض والاحتياط له ولأن الحدث قد حصل يقينا فلا يجوز إسقاطه بالشك وإذا كان دخول الغاية والحد أو خروجها مشكوكا فيه وجب إدخال المرافق له مع الشك وحصول اليقين.
المسألة التاسعة والعشرون:
لا يجوز الغسل من المرفق إلى الكف. وعندنا الصحيح خلاف ذلك وأن الابتداء من المرفقين إلى أطراف الأصابع ويكره استقبال الشعر والابتداء بالأصابع وفي أصحابنا من أوجب ذلك ذهب إلى أنه متى ابتدأ بالأصابع وانتهى إلى المرفقين لم يرتفع ومن عدا فقهاء الشيعة يجعل المتوضئ مخيرا بين الابتداء بالأصابع أو المرفق ولا يرى لأحد الأمرين مزية على الآخر دليلنا على صحة مذهبنا الاجماع المتقدم ذكره وأيضا ما روي عنه ع من أنه توضأ مرة مرة وقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به فلا يخلو من أن يكون ابتدأ