الوجوه كذلك ثم عطف الأرجل على الرؤوس فوجب أن يكون لها في المسح مثل حكمها بمقتضى العطف ولو جاز أن يخالف في الحكم المذكور الرؤوس الأرجل جاز أن يخالف حكم الأيدي في الغسل الوجوه وروى أمير المؤمنين ع وابن عباس رضي الله عنه عن النبي ص أنه توضأ ومسح قدميه ونعليه وروي عن ابن عباس أنه وصف وضوء رسول الله فمسح على رجليه وروي عنه أيضا أنه قال: إن في كتاب الله المسح ويأبى الناس إلا الغسل وقد روي مثل ذلك عن أمير المؤمنين ع أنه قال: ما نزل القرآن إلا بالمسح وروي عن ابن عباس أيضا أنه قال: غسلتان ومسحتان وهذه الأخبار التي ذكرناه مما رواها مخالفونا من الفقهاء وسطروها في كتبهم فليس لهم أن يقولوا: إنا ما نعرفها فأما ما نختص بروايته في وجوب مسح الرجلين فهو أكثر السيل والليل ومن أن يحصى كثرة وليس لأحد أن يحمل خفض الرؤوس على المجاورة كما قالوا جحر ضب خرب لأن ذلك باطل من وجوه: أولها: أنه لا خلاف بين أهل اللغة في أن الإعراب بالمجاورة شاذ نادر لا يقاس عليه وإنما ورد في مواضع لا يتعدى إلى غيرها وما هذه صورته لا يجوز أن يحمل كتاب الله تعالى عليه، وثانيها: أن كل موضع أعرب بالمجاورة مفقود فيه حرف العطف الذي تضمنته الآية ولا مجاورة مع حرف العطف لأنه حائل بين الكلامين مانع من تجاورهما ألا ترى أنه لما أن أعربوا جحر ضب خرب بالمجاورة كان اللفظان متجاورين متقاربين من غير حائل بينهما وكذلك قول الشاعر: كبير أناس في نجاد مزمل، لأن المزمل من صفات الكبير لا النجاد فلما جروه بالمجاورة كان اللفظان متجاورين بلا حائل من العطف، وثالثها:
أن الإعراب بالجوار إنما يستحسن بحيث ترتفع الشبهة في المعنى أ لا ترى أن الشبهة زائلة في كون خرب من صفات الضب وأنه من صفات الجحر وكذلك لا شبهة في أن الوصف بمزمل راجع إلى الكبير لا إلى النجاد وليس هكذا الآية لأن الأرجل يصح أن يكون فرضها المسح كما يصح أن يكون الغسل والشك واقع فلا يجوز إعرابها بالمجاورة مع وقوع اللبس والشبهة فإن قيل: كيف اعتمدتم على القراءة بالجر في الأرجل وقد قرئت بالنصب والنصب موجب لغسل الأرجل قلنا القراءة بالنصب أيضا يقتضي المسح لأن موضع الرؤوس في العربية موضع نصب لوقوع الفعل الذي هو المسح وإنما جرت الرؤوس بالباء