ذلك أن ما يعمل الدباع في تطهيره يعمل الذكاة فيه.
المسألة التاسعة عشرة:
شعر الميتة طاهر وكذلك شعر الكلب والخنزير. هذا صحيح وهو مذهب أصحابنا وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه وقال الشافعي أن ذلك كله نجس دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتكرر قوله تعالى: ومن أصوافها وأوبارها... الآية فامتن علينا بأن جعل لنا في ذلك منافع ولم يفرق بين الذكية والميتة فلا يجوز الامتنان بما هو نجس لا يجوز الانتفاع به، وأيضا فإن الشعر لا حياة فيه أ لا ترى أن الحيوان لا يألم بأخذه منه كما يألم بقطع سائر أعضائه وأيضا لو كان فيه حياة لما جاز أخذه من الحيوان في حال حياته والانتفاع به كما لا يجوز ذلك في سائر أجزائه ويقوى ذلك ما روي عنه ع من قوله: ما بان عن البهيمة وهي حية فهو ميتة والشعر يبين منها في حال حياتها ولا يكون ميتة لأنه لو كان ميتة كان بمنزلة سائر أجزائها ويمنع الانتفاع به وإذا ثبت أن الشعر والصوف والقرن لا حياة فيه لم تحله الموت وإذا لم تحله الموت كانت حياته بعده كحياته قبله وليس لهم أن يتعلقوا بقوله تعالى: حرمت عليكم الميتة فإن اسم الميتة يتناول الجملة سائر أجزائها وذلك أن الميتة اسم لما يحله الموت والشعر لا يحله الموت كما لا تحله الحياة ويخرج عن الظاهر وليس لأحد أن يقول أن الشعر والصوف من جملة الخنزير والكلب وهما نجسان وذلك أنه لا يكون من جملة الحي إلا ما تحله الحياة وما لا تحله الحياة ليس من جملته وإن كان متصلا به.
المسألة العشرون:
جلد الميتة لا يطهر بالدباغ وهذا صحيح، وعندنا أنه لا يطهر جلد الميتة بالدباغ وخالف سائر الفقهاء في ذلك إلا ما روي عن أحمد بن حنبل فإنه يمنع من طهارة جلد الميتة بالدباغ الدليل على صحة مذهبنا الاجماع المتقدم ذكره وأيضا قوله تعالى: حرمت عليكم الميتة واسم الميتة يتناول الجلد قبل الدباع وبعده وأيضا ما روي من أن النبي ص قال قبل موته بشهر لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب وهذا صريح في نصرة