المسألة الخامسة والثلاثون النوم بمجرده حدث ولا يعتبر أحوال النائم. هذا صحيح وعندنا أن النوم الغالب على العقل والتميز ينقض الوضوء على اختلاف حالات النائم من قيام وقعود وركوع وسجود ووافقنا على ذلك المزني وقال أبو حنيفة وأصحابه لا وضوء من النوم إلا على من نام مضطجعا أو متوكيا فأما من نام قائما أو راكعا أو ساجدا أو قاعدا سواء كان في الصلاة أو غيرها فلا وضوء عليه وروي عن أبو يوسف أن تعمد النوم في السجود فعليه الوضوء وقال ابن حي والثوري لا وضوء إلا على من نام مضطجعا وهو مذهب داود وقال مالك من نام ساجدا أو مضطجعا يتوضأ ومن نام جالسا فلا وضوء عليه إلا أن يطول فيفرق بين القاعد بين القليل من النوم والكثير وهو مذهب ابن حنبل وقال الليث إذا تصنع النوم جالسا فعليه الوضوء ولا وضوء على القائم والجالس إذا غلبهما النوم وقال الشافعي من نام في غير حال القعود وجب عليه الوضوء فأما من نام قاعدا فإن كان زايلا غير مستوي الجلوس لزمه الوضوء وإن كان متمكنا من الأرض فلا وضوء عليه وروي عن الأوزاعي أنه قال لا وضوء من النوم فمن توضأ منه ففضل أخذ به وإن تركه فلا حرج ولم يذكر عنه الفضل بين أحوال النائم وقد حكي عن قوم من السلف نفي الوضوء من النوم كأبي موسى الأشعري وعمرو بن دينار وحميد بن الأعرج ومتى دللنا على وجوب الوضوء من الاستعماد في النوم على طريق العموم فقد رددنا على جميع المخالفين في هذه المسألة دليلنا على ذلك الاجماع المتقدم ذكره وقوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة الآية وقد نقل أهل التفسير جميعا أن المراد بالآية إذا قمتم من النوم وأن الآية وردت على سبب معروف يقتضي تعلقها بالنوم فكأنه تعالى قال إذا قمتم إلى الصلاة من النوم فتوضئوا وهذا يوجب الوضوء من النوم على الإطلاق وأيضا ما روي عن النبي ص أنه قال العينان وكاء السه فمن نام فليتوضأ. وفي خبر آخر العينان وكاء السه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء وأيضا ما رواه صفوان بن غسان المرادي أنه قال كان رسول الله يأمرنا إذا كنا سفرا ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن ليس من الجنابة لكن من بول وغائط ونوم وظاهر هذه الأخبار يدل على وجوب الوضوء من كل نوم من غير مراعاة الاختلاف في الأحوال وليس لأحد
(١٥٩)