بشرة وجهه وما لا يظهر مما تغطية اللحية لا يلزمه إيصال الماء إليه ويجزيه إجراء الماء على اللحية من غير إيصال إلى البشرة المستورة ووافقنا الشافعي في ذلك إلا في حد الوجه فإنه حده في كتاب الأم بأنه من قصاص شعر الرأس وأصول الأذنين إلى ما أقبل من الذقن واللحيين وحده المزني بأنه من منابت شعر رأسه وأصول أذنيه ومنتهى اللحية إلى ما أقبل وجهه وذقنه، وقال أبو حنيفة يلزمه غسل ما ظهر من الوجه ومن اللحية ربعها، وقال أبو يوسف يلزمه إمرار الماء على ما ظهر من بشرة الوجه، فأما ما غطاه الشعر فلا يلزمه إيصال الماء إليه ولا إمراره على الشعر النابت عليه، وقال أبو ثور يلزمه غسل بشرة الوجه وإن كان الشعر قد غطاه وأشار المزني في بعض كتبه إلى هذا والذي يدل على تخليل اللحية الكثيفة وإيصال الماء إلى البشرة لا يلزم بل يكفي إجراء الماء على الشعر النابت بعد إجماع الفرقة.
قوله تعالى: فاغسلوا وجوهكم والذي يواجه هو اللحية دون البشرة لأن الشعر قد غطاها فبطلت المواجه فيها وأيضا لا خلاف في أن الوجه اسم لما يقع المواجهة به وإنما الخلاف وقع في أنه هل كلما يواجه به وجه أم لا وقد علمنا أن باطن اللحية وبشرة الوجه المستورة بالوجه ليس مما يواجه به فلا يلزم التخليل فأما الحجة على أبي حنيفة وأبي يوسف فهي قوله تعالى: فاغسلوا وجوهكم ومن غسل بعض بشرة وجهه وبعض ما على البشرة من شعر لحيته لم يغسل جميع وجهه والآية تقتضي غسل جميع الوجه وأما الدليل على صحة حدنا في الوجه فهو بعد الاجماع المقدم ذكره أنه لا خلاف في أن ما اعتبرناه في حدنا هو من الوجه ويجب غسله وإنما الخلاف فيما زاد عليه ومن ادعى زيادة على المجمع عليه كان عليه الدليل.
المسألة السابعة والعشرون:
غسل العذار واجب بعد نبات اللحية كوجوبه قبل نباتها هذا غير صحيح والكلام فيه قد بيناه في تخليل اللحية والكلام في المسألتين واحد لأنا قد بينا أن الشعر الكثيف إذا علا البشرة لا ينقل الفرض إليه.