الدلالة ان يقال: ان الظاهر من صدرها وذيلها شمولها للشبهات الحكمية فيؤخذ بإطلاقها في غير مورد واحد متعرض له وهو صورة اختلاف الحكمين، وكذا المشهورة تشملها بإطلاقها فإذا دلتا على نفوذ حكم الفقيه فيها تدلان على اعتبار فتواه في باب فصل الخصومات والا فلا يعقل إنفاذه بدونه ويفهم نفوذ فتواه وحجيته في غيره اما بإلقاء الخصوصية عرفا أو بدعوى تنقيح المناط، أو يقال ان الظاهر من قوله: «فإذا حكم بحكمنا» إلقاء احتمال الخلاف من فتوى الفقيه إذ ليس المراد منه انه إذا علمتم انه حكم بحكمنا، بل المراد انه إذا حكم بحكمنا بحسب نظره ورأيه فجعل نظره طريقا إلى حكمهم هذا.
ولكن يرد عليه ان إلقاء الخصوصية عرفا ممنوع، ضرورة تحقق خصوصية زائدة في باب الحكومة ربما تكون بنظر العرف دخيلة فيها وهي رفع الخصومة بين المتخاصمين وهو لا يمكن نوعا الا بحكم الحاكم النافذ وهذا امر مرغوب فيه لا يمكن فيه الاحتياط ولا يتفق فيه المصالحة نوعا، واما العمل بقول الفقيه فربما لا يكون مطلوبا ويكون المطلوب درك الواقع بالاحتياط أو الأخذ بأحوط الأقوال مع تعذر الاحتياط التام، فدعوى ان العرف يفهم من المقبولة وأمثالها حجية الفتوى لا يخلو من مجازفة وأوضح فسادا من ذلك دعوى تنقيح المناط القطعي.
واما قوله: «إذا حكم بحكمنا» لو سلم إشعاره بإلقاء احتمال الخلاف فإنما هو في باب الحكومة فلا بد من السراية إلى باب الفتوى من دليل وهو مفقود، فالإنصاف عدم جواز التمسك بأمثال المقبولة للتقليد رأسا فكما لا يجوز التمسك بصدرها على جواز تقليد المفضول لا يجوز ببعض فقرات ذيلها على وجوب تقليد الأعلم لدى مخالفة قوله مع غيره.
ومنها إطلاق ما في التوقيع: واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وانا حجة الله (1) وتقريبه: ان الحوادث أعم من الشبهات الحكمية والرجوع إلى رواة الحديث ظاهر في أخذ فتواهم لا أخذ نفس الرواية ورواة الحديث كانوا من أهل الفتوى والرأي كما مر كما ان قوله: «فإنهم حجتي عليكم» يدل على ان