وبالجملة حصر الحكومة بالنبي والوصي يسلب أهلية غيرهما خرج الفقهاء اما موضوعا أو حكما وبقي الباقي، مع ان الشك في جواز نصب النبي والإمام العامي للقضاء باحتمال اشتراطه بالفقاهة وعدم ظهور إطلاق ينفيه يكفي في عدم جواز نصب الفقيه إياه وعدم نفوذ حكمه لو نصبه.
واما المقدمة الثانية فأجيب عنها بمنع عموم ولاية الفقيه لأن المنصف المتأمل في المقبولة صدرا وذيلا وفي سياق الأدلة يقطع بأنها في مقام بيان وظيفتهم من حيث الأحكام الشرعية والقضاء بين الناس لا مطلقا، مع انه لو سلم استفادة العموم منها لا بد وان تحمل على ذلك احترازا عن التخصيص الأكثر المستهجن فان أكثر ما للنبي والإمام غير ثابتة للمجتهد فلا يجوز التمسك بها لما نحن فيه الا بعد تمسك جماعة معتد بها من الأصحاب ولم يتمسك بها في المقام الا بعض المتأخرين.
وفيه ان المستفاد من المقبولة كما ذكرنا هو ان الحكومة مطلقا للفقيه وقد جعلهم الإمام حكاما على الناس ولا يخفى ان جعل القاضي من شؤون الحاكم والسلطان في الإسلام فجعل الحكومة للفقهاء مستلزم لجواز نصب القضاة فالحكام على الناس شأنهم نصب الأمراء والقضاة وغيرهما مما يحتاج إليه الأمة كما ان الأمر كذلك من زمن رسول الله والخلفاء حقا أو باطلا، ولعل الآن كذلك عند العامة وليس ذلك الا لمعروفية ذلك في الإسلام من بدو نشئه.
فالقول بان الاخبار في مقام بيان وظيفتهم من حيث الأحكام الشرعية والقضاء بين الناس، ساقط اما بيان الأحكام الشرعية فليس من المناصب فلا معنى لجعله، وتخصيصها بالقضاء لا وجه له بعد عموم اللفظ ومطابقة الاعتبار، والانصراف لو كان فهو بدوي ينشأ من توهم كون مورد المقبولة هو القضاء، ودعوى مساوقة المقبولة للمشهورة وهي مختصة بالقضاء فكذلك المقبولة كما ترى، مع انك قد عرفت عدم اختصاص مورد المقبولة ولا المشهورة بالقضاء واما تخصيص الأكثر فممنوع جدا، فان مختصات النبي وان كانت كثيرة لكن ليس شيء منها مربوطا بمقام سلطنته وحكومته الا النادر القليل لو كان،