الإطلاق لعدم كونه في مقام البيان بل هو في مقام بيان حكم آخر والحصر إضافي، ضرورة عدم جواز الرجوع إلى قضاة العامة ممن ليس سيف وسوط، مضافا إلى عدم جواز الاعتماد بالحصر أيضا مع معهودية القضية بينهما وعدم نقل الرواية بجميع خصوصياتها لنا، مع ان معهودية كون شأن القضاء لأشخاص معينة وهم فقهاء الفريقين يمنع عن الإطلاق وعلى فرض الإطلاق يقيد بمثل المقبولة.
وقد يستدل لجواز الرجوع إلى المقلد بان الاجتهاد بهذا المعنى المتعارف في زماننا لم يكن في الصدر الأول بل المحدثون فيه مثل المقلدين الآخذين أحكام الله من الفقهاء فقوله في المقبولة: «ممن روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا» ليس المراد منه المجتهد أي من له قوة الاستنباط بالمعنى المعهود في أعصارنا لعدم وجوده في زمان الأئمة عليهم السلام، بل المراد منه من علم الأحكام بأخذ المسائل من الإمام أو الفقيه كما كان كذلك في تلك الأزمنة.
وفيه انا لا ندعي ان المناط في الفقيه المنصوب في المقبولة هو واجديته لقوة الاستنباط ورد الفرع إلى الأصل بالنحو المتعارف في زماننا بل نقول: ان الموضوع هو من يتصف بما فيها من كونه ممن روى حديثهم ونظر في حلالهم وحرامهم وعرف أحكامهم على نحو ما حررناه في فقه الحديث وهو صادق على المحدثين والفقهاء في العصر الأول من أصحاب الأئمة كما هو صادق على فقهاء عصرنا فإنهم مشتركون معهم فيما هو مناط المنصب، وامتياز المجتهدين في زماننا عنهم انما هو في امر خارج عما يعتبر في المنصب وهو تحصيل قوة الاستنباط بالمشقة وبذل الجهد وتحمل الكلفة في معرفة الأحكام مما لم يكن فقهاء العصر الأول محتاجين إليه، فمعرفة الأحكام في العصر الأول كانت سهلة لعدم الاحتياج إلى كثير من مقدمات الاجتهاد، وعدم الاحتياج إلى التكلف وبذل الجهد مما نحتاج إليها في هذه الأعصار مما هي غير دخيلة في تقوم الموضوع بل دخيلة في تحققه، فقيود الموضوع وهي ما عينت المقبولة من الأوصاف كانت حاصلة لهم من غير مشقة ولفقهائنا مع تحمل المشاق واما المقلد فخارج عن الموضوع رأسا لعدم صدق الأوصاف عليه كما أوضحنا سبيله سابقا، هذا مع ان المنصوبين للقضاء من