في الحكم الناشئ من اختلاف الروايتين لا يكون نوعا الا مع الاجتهاد ورد كل منهما رواية الآخر وليس هذا شأن العامي، فيدل هذه الفقرة على ان المتعارف في تلك الأزمنة هو الرجوع إلى الفقيه.
ويدل عليه أيضا قوله: «الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما» وقوله فيما بعد:
«أرأيت ان كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب والسنة» فان المستفاد من جميع ذلك كون الفقاهة مفروغا عنها في القاضي ولا إشكال في عدم صدق الفقيه والأفقه على العامي المقلد.
ويدل قوله: «فانى قد جعلته حاكما» على ان للفقيه مضافا إلى منصب القضاء منصب الحكومة. أية حكومة كانت، لأن الحكومة مفهوما أعم من القضاء المصطلح والقضاء من شعب الحكومة والولاية، ومقتضى المقبولة انه عليه السلام جعل الفقيه حاكما وواليا، ودعوى الانصراف غير مسموعة، فللفقيه الحكومة على الناس فيما يحتاجون إلى الحكومة من الأمور السياسية والقضائية والمورد لا يوجب تخصيص الكبرى الكلية.
هذا مع منع كون المورد خصوص القضاء المصطلح، فان قوله في الصدر «فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة» يدل على أعمية المورد مما يكون مربوطا بالقضاء كباب القضاء أو إلى السلطان والوالي، فان ما يرجع إليه غير ما يرجع إلى القضاة نوعا، فان شأنهم التصرف في الأمور السياسية، فمع أعمية الصدر من القضاء لا وجه لاختصاص الحاكمية به (فحينئذ) مقتضى الإطلاق جعل مطلق الحكومة سياسية كانت أو قضائية للفقيه، وسؤال السائل بعده عن مسألة قضائية لا يوجب اختصاص الصدر بها كما هو واضح (1)