أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فانى قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه (1) فإنها بإطلاقها تشمل المقلد لأن المراد بالعلم هو الأعم من الوجداني، والمقلد عالم بهذا المعنى لأن له طريقا إلى الواقع.
وفيه ان العلم بشيء من قضاياهم مختص بالفقيه أو منصرف إليه لأن العامي اما ان يتكل إلى فتوى الفقيه في القضاء فلا يصدق عليه انه يعلم شيئا من قضاياهم بل هو يعلم فتوى الفقيه في القضاء وهو طريق إلى حكم الله تعالى، واما ان يتكل باخبار الفقيه بقضاياهم وهذا غير جائز لأنه لا يزيد عن رواية مرسلة غير جائزة العمل مع انه على فرض صحة السند لا يجوز له العمل بها الا مع الفحص عن معارضها وإعمال ساير مقدمات الاستنباط وهو خارج عن المفروض، وبالجملة العلم بفتوى الفقيه لا يوجب انسلاكه في قوله: «يعلم شيئا من قضايانا» نعم، يمكن الاستدلال بها لثبوت منصب القضاء للمتجزي وهو ليس ببعيد (2).
ومنها صحيحة الحلبي قال: قلت لأبي عبد الله: ربما كان بين الرجلين من أصحابنا المنازعة في الشيء فيتراضيان برجل منا، فقال: «ليس هو ذاك انما هو الذي يجبر الناس على حكمه بالسيف والسوط» (3) فان إطلاق قوله: رجل منا، يشمل المقلد وترك الاستفصال دليل العموم، وأيضا حصر عدم الجواز فيمن يجبر الناس بسيفه وسوطه دليل على جواز الرجوع بغيرهم مطلقا.
وفيه ان الظاهر من قوله: ليس هو ذاك، كون الكلام مسبوقا بسابقة بين المتخاطبين غير منقولة إلينا ومعه يشكل الاعتماد على الإطلاق وترك الاستفصال مضافا إلى عدم