بل الظاهر عدم إدراكه وكذا من في طبقته كما يظهر بالرجوع إلى طبقات الرواة ففي الرواية إرسال على الظاهر، وأبو الجهم يروى عن أبي خديجة سالم بن مكرم وهو ثقة، فلا إشكال فيها الا من جهة الظن بالإرسال، ولو ثبت اشتهار العمل بها كما سميت مشهورة فيجبر ضعفها من جهته.
قال: بعثني أبو عبد الله إلى أصحابنا فقال: «قال لهم: إياكم إذا وقعت بينكم خصومة أو تدارىء (1) في شيء من الأخذ والعطاء ان تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق اجعلوا بينكم رجلا قد عرف حلالنا وحرامنا فانى قد جعلته عليكم قاضيا وإياكم ان يخاصم بعضكم بعضا إلى السلطان الجائر».
تدل على جعله منصب القضاء لرجل عارف بحلالهم وحرامهم، وتقريب الدلالة يظهر مما مر في المقبولة الا انها أظهر دلالة من المشهورة بجهات، كما ان المستفاد منها جعل الحكومة مطلقا للفقيه دون هذه، بل يمكن ان يقال بدلالتها على الحكومة أيضا، فان صدرها عام في مطلق الخصومات سواء كانت راجعة إلى القضاة أو إلي الولاة، والقاضي أعم لغة وعرفا عاما من الاصطلاحي، وذيلها يؤكد التعميم، فان التخاصم إلى السلطان ليس في الأمور القضائية بحسب التعارف في جميع الأزمنة سيما في تلك الأزمنة ومن ذلك يمكن التمسك بالصحيحة فان أهل الجور هم الولاة والقاضي حاكم بالجور والظاهر من أهل الجور هو المتصدي له وهم الولاة.
وقريب منها صحيحة أبي خديجة على الأصح (2) قال قال أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق عليهما السلام: إياكم ان يحاكم بعضكم بعضا إلى أهل الجور ولكن انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا فاجعلوه بينكم فانى قد جعلته قاضيا فتحاكموا إليه (3) وهاهنا روايات آخر استدلوا بها للمطلوب قاصرة سندا أو دلالة أو كليهما لا بأس