تقدم منه أنه لا يعتبر في صحة العقد وجود القبول على نحو المطاوعة لعدم الاجماع عليه فما الذي ألجأ إلى اعتباره في مثل هذه الموارد، لكنه لا يتم في المقامين لأن عنواني الفعل والانفعال كالبيع والابتياع والرهن والارتهان والكسر والانكسار لهما مطابق واحد وإنما الاختلاف بالإضافة فإذا أضيف إلى الفاعل كان فعلا وإذا أضيف إلى المفعول كان انفعالا فكما لا يتحقق الانفعال بدون الفعل كذلك لا يتحقق الفعل بدون الانفعال فإذا كان ما ذكر مانعا من تقدم القبول كان مانعا من تقدم الايجاب أيضا لكنه ليس كذلك إذ ما ذكر إنما يتم لو كان الارتهان منتزعا عن مجرد القبول والرهن منتزعا عن مجرد الايجاب، أما لو كانا معا منتزعين من مجموع الايجاب والقبول أعني نفس العقد الذي هو منشأ العنوان الواحد الخاص الذي يكون موضوعا للإضافتين المذكورتين أعني الإضافة إلى الفاعل والإضافة إلى المفعول، فلا ينطبق على القبول المتقدم عنوان الارتهان ولا على الايجاب المتقدم عنوان الرهن بل موضوع العنوانين المذكورين الراهن والمرتهن وهما متلازمان في الانطباق عليهما ولا يعرضان إلا بعد تحقق تمام منشأ الانتزاع أعني تمام العقد، وهكذا الكلام في البيع والابتياع وغيرهما، فلاحظ (قوله: التزام بشئ) يعني نقل ماله إلى غيره كما في عقود المعاوضات على ما تقدم منه " قده " (قوله:
بغير عوض) يعني لا يكون القابل فيها ناقلا ماله إلى غيره (قوله: فلما كان ابتداء الالتزام) قد عرفت آنفا إن الايجاب عبارة من إنشاء العنوان والقبول تنفيذ ذلك الانشاء والرضى به فمن قام به الانشاء موجب تقدم أو تأخر ومن قام به التنفيذ والرضى قابل تقدم أيضا أو تأخر ولا فرق بين المصالحة وغيرها من العقود نعم بينهما فرق من جهة أخرى لا ترتبط بما نحن فيه وهو أن المصالحة لا يتميز فيها أحد المالكين عن الآخر بانطباق عنوان خاص عليه دون الآخر كما في البيع فإن مالك المعوض بائع ولو كان هو القابل ومالك العوض مشتر؟ ولو كان هو الموجب فلو قال الثاني: اشتريت مالك بمالي، فقال الآخر: قبلت، صح على ما عرفت وكان المشتري هو الموجب والبائع هو القابل بخلاف عقد المصالحة فإن الموجب