وقال أيضا في تفسير قوله عليه السلام: " الأول بلا أول كان قبله ": قد يقصد بأفعل تجاوز صاحبه وتباعده عن غيره في الفعل، لا بمعنى تفضيله بعد المشاركة في أصل الفعل، فيفيد عدم وجود أصل الفعل في غيره، فيحصل كمال التفضيل. وهو المعنى الأوضح في " أفعل " في صفاته تعالى. وبهذا المعنى ورد قوله تعالى: هو أهون عليه. (1) وقول يوسف عليه السلام: رب السجن أحب إلي. (2) و (3) فالآيات الكريمة لا تفيد إلا إثبات الحسن الغير المتناهي على نحو الاختصاص بالوضع الشخصي له تعالى وتفرده وتوحده سبحانه بهذا النعت.
روى الصدوق عن علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله مسندا عن حنان بن سدير، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
... ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شئ ولا يوصف ولا يتوهم.
فذلك المثل الأعلى. ووصف الذين لم يؤتوا من الله فوائد العلم، فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال وشبهوه بالمتشابه منهم فيما جهلوا به.
فلذلك قال: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.
فليس له شبه ولا مثل ولا عدل. وله الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره. وهي التي وصفها في الكتاب فقال: فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه جهلا بغير علم. فالذي يلحد في أسمائه بغير علم، يشرك وهو لا يعلم ويكفر به وهو يظن أنه يحسن. فلذلك قال: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها. (4)