والأدعية والمناجاة فإن الناس إنما يخاطبونه تعالى ويناجونه بما يعقلون ويفهمون.
قلت: سر الاستشكال أن أهل الفلسفة لا يعرفون طريقا إلى معرفته سبحانه إلا المعرفة بالوجه وقالوا: إن المفاهيم العامة المعقولة المتصورة للألفاظ وجه له تعالى ولكمالاته، فيسبحونه ويمجدونه بوساطة تلك المفاهيم العامة المعقولة. فلو انسد باب إيقاع الأسماء عليه تعالى، لانسد عندهم باب المعرفة وباب الأذكار والأوراد.
والحال أنه تعالى عرف إلى عباده نفسه بحقيقة التعريف وهو فعله تعالى ولا كيف لفعله. وإيقاع الأسماء والصفات عليه تعالى إنما هو بعد تعريفه تعالى نفسه إلى عباده.
وإنه خلق الأسماء وسيلة بينه وبين خلقه ليتضرعوا بها إليه ويدعوه بها ويعبدوه.
فأسماؤه تعالى تعبير وتذكرة وإرشاد إلى الله القدوس الخارج عن الحدين، الظاهر بذاته بعد مرتبة تعريفه تعالى نفسه إلى عباده، وليست إيقاعا على الغائب المجهول.
وإنما يعرف نفسه إلى عباده من غير أن يوصف بالمعروفية ومن غير أن يكون معروفا ومعقولا بإحاطة العقول والأوهام، أو بتصوره تعالى بالمفاهيم الكلية، بل إنما يعرفه من عرفه به تعالى، فهو المعرف - بالكسر - لا المعرف - بالفتح - والمعروف.
روى صاحب التحف عن الصادق عليه السلام: قال:
... من زعم أنه يعرف الله بتوهم القلوب، فهو مشرك. ومن زعم أنه يعرف الله بالاسم دون المعنى، فقد أقر بالطعن. لأن الاسم محدث. ومن زعم أنه يعبد الاسم والمعنى، فقد جعل مع الله شريكا. ومن زعم أنه يعبد المعنى بالصفة لا بالإدراك، فقد أحال على الغائب. ومن زعم أنه يعبد الصفة والموصوف، فقد أبطل التوحيد. لأن الصفة غير الموصوف.
ومن زعم أنه يضيف الموصوف إلى الصفة، فقد صغر الكبير. وما قدروا الله حق قدره. قيل له: فكيف سبيل التوحيد؟ قال: باب البحث ممكن وطلب المخرج موجود. إن معرفة عين الشاهد قبل صفته. ومعرفة