توصيفه سبحانه به. فإنها أمر محدود متصور غير منطبق عليه تعالى، لأنها منتزعة من الخارج والأمر الانتزاعي تابع لمنشأ انتزاعه.
وكذلك الأمر في العقل والعلم والشعور والقدرة والحياة. ضرورة أن الشعور مثلا ظاهر بذاته لذاته ومظهر لجميع ما يشعر به من البديهيات وهو الهادي والدليل على الوضع واللفظ والموضوع له وعلى الدلالة أيضا في مرحلة الاستعمال، فلا يمكن تصوره، لأنه فوق التصور وما به التصور. وهكذا العقل الوارد في الكتاب والسنة لا العقل الاصطلاحي. ضرورة أن العقل ظاهر بذاته لذاته ومظهر لما يعقل به بالعيان وحيث إنه ظاهر بذاته لذاته ومظهر لما يعقل به، فلا يعقل تصوره بما كان معلوما به.
وأما لفظ العدم، فإنه موضوع لواقع العدم الذي يناله الإنسان بشعوره وعلمه. فإن الموضوع في قولنا: " العدم لا يحكم عليه وبه " هو واقع العدم. وهكذا الكلام في قولنا: لا يمكن اجتماع النقيضين وارتفاعهما. ولولا العلم بواقع العدم، لا يصح الإخبار عنه والحكم عليه وبه. وتمام الكلام في مسألة الوضع موكول إلى مباحث الألفاظ من علم الأصول.
روى الكليني عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن النضر بن سويد، عن هشام بن الحكم أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن أسماء الله واشتقاقها: الله مما هو مشتق؟ فقال:
يا هشام، الله مشتق من إله. وإله يقتضي مألوها. والاسم غير المسمى.
فمن عبد الاسم دون المعنى، فقد كفر ولم يعبد شيئا. ومن عبد الاسم والمعنى، فقد أشرك وعبد اثنين. ومن عبد المعنى دون الاسم، فذاك التوحيد. أفهمت يا هشام؟
قال: قلت: زدني. قال:
لله تسعة وتسعون اسما. فلو كان الاسم هو المسمى، لكان كل اسم منها