منزلة الأمور العادية وتنزيل شخص رسول الله صلى الله عليه وآله منزلة الأشخاص العادية. بل العناية في هذا الاستثناء هو أنه سبحانه ليس مغلولة اليد وأن كرامته تعالى على رسوله - سواء كانت قبل مرتبة العطاء أو في مرتبة فعلية العطاء - ليست على نحو الإيجاب عليه تعالى، بل هي تفضل منه تعالى عليه صلى الله عليه وآله.
فإن قلت: إن أقصى ما يدل عليه هذه الآية من عصمته صلى الله عليه وآله من النسيان، إنما هو بعد نزول سورة الأعلى فلا يشمل قبل نزولها.
قلت: كلا! فإن الآية الكريمة ليست في مقام إخباره عما يفعل على رسوله من الكرامة في المستقبل. وليست أيضا في مقام الميعاد له صلى الله عليه وآله بل الآية الكريمة في مقام الامتنان وفي سياق بيان ما أكرم به رسوله صلى الله عليه وآله من صيانته وعصمته بإفاضته تعالى العلم الذي عبر عنه بروح القدس عليه صلى الله عليه وآله وبيان تيسيره لليسرى. وواضح أن الأفعال المذكورة في مرحلة الامتنان - سواء كانت بلفظ الماضي أو المضارع - يراد بها تحقق الفعل من غير تقييد بالزمان وجريانه على نحو الاستمرار والدوام. فالماضي مثل قوله تعالى:
إذ قال الله يا عيسى بن مريم اذكر نعمتي عليك وعلى والدتك إذ أيدتك بروح القدس. (1) والمضارع مثل قوله تعالى:
الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات. (2) وقوله تعالى:
إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا