الحياة وحالة الوفاة وتخصيصها بأحدهما يحتاج إلى دليل وهو مفقود هنا.
فإن قيل: من أين أتى العموم حتى يكون تخصيصها بحالة الحياة دعوى تحتاج إلى دليل؟ قلنا: من وقوع الفعل في سياق الشرط. والقاعدة المقررة في الأصول أن الفعل إذا وقع في سياق الشرط كان عاما، لأن الفعل في معنى النكرة لتضمنه مصدرا منكرا، والنكرة الواقعة في سياق النفي أو الشرط تكون للعموم وضعا). انتهى.
ولا يتسع المجال لاستقصاء الأدلة من الآيات والأحاديث وفتاوى فقهاء المذاهب، على حياة نبينا صلى الله عليه وآله عند ربه، وسماعه سلامنا وصلاتنا عليه وتوسلنا به، واستغفاره ودعائه لنا، فنكتفي ببعضها:
منها: ما رواه في مجمع الزوائد: 9 / 24 قال: (باب ما يحصل لأمته (ص) من استغفاره بعد وفاته): عن عبد الله بن مسعود، عن النبي (ص) قال: إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتي السلام. قال وقال رسول الله (ص): حياتي خير لكم تحدثون وتحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم، فما رأيت من خير حمدت الله عليه، وما رأيت من شر استغفرت الله لكم). رواه البزار ورجاله رجال الصحيح. انتهى. كما صححه عدد كبير من علماء السنة، وقد عدد من صححه الحافظ السقاف في الإغاثة ص 11.
ومنها: أنه لو كان نبينا صلى الله عليه وآله لا يسمع توسل المتوسلين إلى الله تعالى به كما يزعمون، فإن من اللغو والعبث أن يخاطبه المسلمون في صلاتهم فيقولون: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)؟!
وقد تحير أتباع ابن تيمية الحراني بهذا الإشكال، لأنهم مع جميع المسلمين يقولون في صلواتهم: (السلام عليك أيها النبي)!