يكون ذلك مانعا عن التمسك أو الرجوع إلى القرآن بصورة عامة.
مضافا إلى أن هذا القول وما سبقه يشتركان في البطلان من وجه آخر، ذلك أنهما أخرجا القرآن عن حد المخاطبات، وجعلا له شأنا غير شأن سائر الخطابات، وهذا من البطلان بمكان عقلا ونقلا.
أما عقلا فهو أن الشارع من العرف، وكونه من العرف يقتضي أن تكون طريقه وطريق العرف سواء بسواء، وحيث إن طريق العرف في المحاورات هو إفهام المخاطبين بنفس الخطاب، فكان لزاما أن تكون طريقة الشرع كذلك.
وأما نقلا فهو مصادم كل المصادمة، لما دل من الآيات والروايات على أن القرآن إنما انزل لإفهام مضامينه بنفس الخطاب، ولم يخترع طريقة في المحاورات غير طريقة العرف التي جرت بها العادات، ويكفينا من الآيات قوله تعالى: * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) * (1)، وقوله سبحانه: * (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به) * (2) ويكفينا من الروايات الخبر المتواتر عن الأئمة الأطهار: " أن الله سبحانه أجل من أن يخاطب قوما يريد منهم ما هو بخلاف لسانهم وخلاف ما يفهمونه "، مضافا إلى أن سيرة الأئمة الأطهار - وهم المتبعون في القول والعمل - جرت على أن يدعموا الحكم الشرعي بدليل من الآيات الكريمة، فقد جاء في المحكي عن العلل وتفسير العياشي (3)، عن زرارة، قال: قلت لأبي جعفر (عليه السلام): ألا تخبرني من أين علمت وقلت أن المسح ببعض الرأس وبعض الرجلين؟ فضحك (عليه السلام) وقال: " يا زرارة، قاله