ليس تفسيرا بالرأي، فلا يدخل في الأخبار المانعة.
ولتعلم أن الذين أفرطوا في مسألة منع مطلق الأخذ بالقرآن والرجوع إليه، فرقتان، أو هم فرقة واحدة منعت الرجوع إلى القرآن لجهتين:
إحداهما: أن مطلق الرجوع إلى القرآن ومطلق الأخذ به هو تفسير بالرأي، فهو ممنوع لا يجوز، حيث إن القرآن عندهم ليس حده حد سائر الكتب، وليست خطاباته شأنها شأن سائر الخطابات، فليس هو من قبيل المحاورات العرفية المقصود بها تفهيم الخطاب بنفس الكلام الموجه إلى المخاطبين، فيفهمه كل مخاطب، بل كل من بلغه ذلك الخطاب، وقد أسف من هؤلاء قوم فمنعوا من التفسير حتى من مثل قوله تعالى: * (فاعلم أنه لا إله إلا الله) * (1)، وحتى من مثل قوله تعالى: * (قل هو الله أحد) * (2) إلا بتفسير من المعصوم وشرح منه، وتوسط من هؤلاء قوم ففرقوا في القرآن بين النص منه والظاهر، فأجازوا تفسير الأول دون الثاني، فالقرآن على القول الأول المانع من الرجوع إلى القرآن على وجه الاطلاق، كله متشابه بالنسبة إلينا، محتاج إلى تفسير من المعصوم، وهذا من البطلان بمكان، وهو خلاف نص القرآن.
ثانيتهما: أن القرآن وإن كان فيه ظاهر إلا أن هذا الظاهر اكتنف بخصوصيات وحالات أخرجت الظاهر عن كونه ظاهرا، وذلك كالتقديم والتأخير، والحذف والإضمار، والإيجاز، والناسخ والمنسوخ، والمحكم والمتشابه، وجهات أسباب النزول، إلى غير ذلك من الخصوصيات التي لا تفهم ولا تعلم إلا بشرح ممن خوطب بالقرآن وعرف خصوصياته ومزاياه، وهم المعصومون من أهل البيت (عليهم السلام)، وهذا القول كسابقه في البطلان، فإنه إن تم فإنما يتم في بعض من سور القرآن وآياته، فلا