وخفتها، فاجتمع لها في حال واحد جسم الثعبان وسرعة حركة الجان، وهذا من القدرة بمكان. فعلى هذا الوجه وعند هذا الجواب يرتفع التناقض بين الاثنين لاختلاف جهد الوصف، ووجه التشبيه والوصف شرط في الحقيقة، وقد عرفت أن اختلاف الشرط في القضية يرفع التناقض، فلا تناقض.
وللآية الكريمة نظائر في التشبيه مطردة الاستعمال، فمن ذلك: تشبيه المرأة تارة بالظبية وأخرى بالمها وهي البقرة الوحشية، ولا ريب أن التشبيه بالظبية لجهة خاصة هي غير جهة تشبيهها بالبقرة الوحشية. ومثل ذلك واقع في القرآن الكريم نفسه من ذلك قوله تعالى: * (ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا قوارير من فضة) * (1) فشبه تعالى الفضة بالقوارير، ولم يرد أن الفضة قوارير على الحقيقة، وإنما وصفها بذلك لأنه اجتمع لها صفاء القوارير وشفافيتها ورقتها مع أنها من فضة، لكن هذا بناء على رجوع الضمير في " كانت " إلى مجموع ما تقدم من الآنية والقوارير، أما إذا رجع الضمير إلى الأكواب لم يتأت الاستشهاد.
والذي يراه سيدنا المرتضى (رضي الله عنه) هو الأول، كما صرح به في أماليه، والأمر سهل على كل حال.
وثاني الجوابين: أنه تعالى لم يذكر الجان في الآية الأخرى وأراد بها الحية وإنما أراد بها أحد الجن، فكأنه تعالى أخبر بأن العصا صارت ثعبانا في الخلقة وعظم الجسم وكانت مع ذلك كأحد الجن في هول المنظر والإفزاع للناظرين، ولهذا قال تعالى: * (فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب) * (2) فبناء على هذا الوجه وعلى ضوء هذا التفسير يتجلى لنا أن لا تناقض هناك، وذلك لأن المحمول - أعني