المنصف منهم إذا وقف على مذهب من يقلده تبرأ منه، وحاد عنه، وعرف أنه ارتكب الخطأ والزلل، وخالف الحق في القول والعمل، فإن اعتمدوا الإنصاف، وتركوا المعاندة والخلاف، وراجعوا أذهانهم الصحيحة، وما تقتضيه جودة القريحة، ورفضوا الآباء، والاعتماد على أقوال الرؤساء، الذين طلبوا اللذة العاجلة، وأهملوا أحوال الآجلة، حازوا القسط والدنو من الاخلاص، وحصلوا بالنصيب الأسنى من النجاة والخلاص، وإن أبوا إلا استمرارا على التقليد، فالويل لهم من نار الوعيد، وصدق عليهم قوله تعالى: " إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا، ورأوا العذاب، وتقطعت بهم الأسباب " (1)..
وإنما وضعنا هذا الكتاب خشية (2) لله، ورجاء لثوابه، وطلبا للخلاص من أليم عقابه، بكتمان الحق، وترك إرشاد الخلق، وامتثلت فيه مرسوم سلطان وجه الأرض، الباقية دولته إلى يوم النشر والعرض، سلطان السلاطين، وخاقان الخواقين، مالك رقاب العباد وحاكمهم، وحافظ أهل البلاد وراحمهم، المظفر على جميع الأعداء، المنصور من إله السماء، المؤيد بالنفس القدسية، والرياسة الملكية، الواصل بفكره العالي إلى أسنى مراتب العلى، البالغ بحدسه الصائب إلى معرفة الشهب الثواقب، غياث الملة والحق والدين،: " أولجايتو خدابنده محمد " خلد الله ملكه إلى يوم الدين، وقرن دولته بالبقاء والنصر والتمكين، وجعلت ثواب هذا الكتاب واصلا إليه، أعاد الله تعالى بركاته عليه، بمحمد وآله الطاهرين، صلوات الله عليهم أجمعين. وقد اشتمل هذا الكتاب على مسائل: