ولا بد من الاعلان بإدانة الانحراف، انطلاقا من المثل والقيم الإلهية، بأسلوب اللعن، الذي هو طلب البعد عن ساحة القدسي الإلهي.
فاللعن إذن أسلوب تربوي بناء، وليس موقفا سلبيا عاجزا ولا مهينا.
ولأجل ذلك نجد القرآن الكريم لا يزال يؤكد على لزوم التبري من أعداء الله، والتولي لأوليائه، ويعلن الله سبحانه بلعن فئات كثيرة، كالكاذبين والظالمين، والبراءة منهم. بل ويشير إلى وجود لاعنين آخرين، حيث قال سبحانه وهو يتحدث عن الذين يكتمون ما أنزل الله من البينات والهدى: * (أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) * (1).
وبعد ما تقدم، فلا يمكن لنا أن نصدق، أنه (صلى الله عليه وآله) قد لعن أحدا لا يستحق اللعن. وإلا، لكان (صلى الله عليه وآله) ليس فقط لا ينطلق في تعامله ومواقفه من موقع المسؤولية والانصاف. وإنما من موقع العاطفة والطيش والانفعال، وحاشاه. وذلك لو صح لوجدنا أنفسنا مضطرين لطرح التساؤلات الجدية حول عصمته (صلى الله عليه وآله). لا سيما إذا كان لعنا لاحد المؤمنين، فإن لعن المؤمن كقتله، أو لاعن المسلم كقاتله، كما روي عنه (صلى الله عليه وآله) نفسه (2).
ومن هنا فلابد من رفض وعدم التصديق بالحديث الذي يقول:
إن رجلين كلماه (صلى الله عليه وآله)، فأغضباه، فلعنهما وسبهما، فلما خرجا سألته عائشة عن ذلك. فقال لها:
أما علمت ما شارطت عليه ربي؟! قلت: اللهم إنما أنا بشر، فأي