الشهادة أكلة رأس لجماعة لا يزيدونهم عدة وعددا إلا يسيرا. وقد تعودنا:
ان نرى من المسلمين أعلى درجات التضحية والفداء، وغاية النكاية في العدو.
إلا أن يكون المسلمون قد أخذوا على حين غرة، بحيث لم يمكنهم أحد الأهبة للحرب والنزال، كما ربما تشير إليه الروايات التي تقول: إن المشركين أحاطوا بهم، وهم في رحالهم.
ولكن ثمة نص آخر يقول: إن المشركين التقوا بالمسلمين، وهم في طريقهم، للتعرف على مصير صاحبهم الذي أرسلوه بالكتاب إلى بني عامر.
نضيف إلى ما تقدم: أننا لا نجد مبررا لارساله (صلى الله عليه وآله) سبعين رجلا أو أربعين أو أقل، لأجل التعليم، وذلك لأنه (صلى الله عليه وآله) قد أرسل ستة نفر أو عشرة فقط في سرية، حينما طلبت منه (صلى الله عليه وآله) عضل والقارة أن يرسل إليهم من يعلمهم، كما أنه قد أرسل مصعب بن عمير فقط - إلى المدينة - قبل الهجرة لغرض التعليم، وليلاحظ أيضا قلة من أرسلهم إلى اليمن، فما باله يرسل إلى بئر معونة سبعين رجلا.
فإن كان ذلك لأجل مباشرة الحرب، فهذا العدد لا يكفي لمواجهة أهل نجد، وإن كان الهدف هو الدعوة وكانت زيادة العدد لأجل الاحتراز منهم - لو كانت نياتهم سيئة - فإن هذا العدد لا يكفي للاحتراز.
وإن كان لأجل المراقبة، وليكونوا عيونا، فإن العشرة ما دون يكفون لذلك.
ولعل مما يشير إلى: أنهم كانوا عيونا: خفاء أمرهم، وسرية عملهم، فإن عامر بن الطفيل وقومه ما كانوا يعلمون بوجودهم فقد قال عامر بن الطفيل بعد قتل حرام بن ملحان: