لك أن تؤمنني على نفسي وأهلي وولدي ومالي وأهل بيتي وأدلك على كنز النخيرجان (1)؟ فقال له السائب: أيها الرجل! انك تطلب مني الأمان على أمة من الأمم ولست أدري كنز النخيرجان ما هو؟ فقال الفارسي: إذا أخبرك أيها الأمير!
خبر النخيرجان وقصته.
قال: وجعل الفارسي يحدث السائب بن الأقرع فقال: أيها الأمير! إن النخيرجان كان وزيرا ليزدجرد، وكانت له امرأة حسناء وكان يزدجرد يختلف إليها قال: فقال غلمان النخيرجان للنخيرجان: أيها الوزير! إن الملك يختلف إلى امرأتك فأحببنا أن نعلمك بذلك، قال: فاتقى النخيرجان على نفسه من أن يقتله يزدجرد ويأخذ امرأته، فجفا النخيرجان امرأته فلم يقربها، فخبرت المرأة يزدجرد بذلك، قال: فدعا يزدجرد بالنخيرجان ذات يوم فأقعده بين يديه ثم خلا به فقال له:
يا نخيرجان! بلغني أن لك عينا عذبة وأنك لا تشرب منها فلم ذلك؟ فقال النخيرجان: أيها الملك! إني كنت أشرب منها ولكني وجدت عندها أثر الأسد فاتقيته على نفسي، قال: فعلم يزدجرد أن النخيرجان قد علم بأمره وأمر امرأته فأمره بمفارقتها، ففارقها وزوجه يزدجرد غيرها من النساء ووصله بمال جليل وتاج من الذهب (2)، ثم قال ذلك الفارسي للسائب بن الأقرع: وأنا أعرف موضع هذا المال وهذا التاج فتعطيني الأمان كما سألتك ويكون هذا المال لك من دون أصحابك، قال: فأعطاه السائب الأمان كما أراد ودله الفارسي على الكنز، فأخذه وكتمه عن المسلمين، ثم أخرج الخمس من غنائم نهاوند فعزله ليوجه به إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقسم الباقي في المسلمين فأعطى كل ذي حق حقه وحمل الخمس مع ذلك السفط إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
فلما نظر إليه عمر من بعيد قال له: ويحك يا سائب! ما وراءك؟ فلقد بت البارحة بليلة، الله بها عليم من غمي بأمور المسلمين، فقال له السائب بن الأقرع: