بذلك ثم كتب إليهم أبياتا لا عن لسانه ولا عن لسان غيره، مطلعها:
قل للزبير على ما كان من عند * والمرء طلحة قولا غير ذي أود إلى آخرها.
قال: فلما وردت الأبيات على طلحة والزبير نظرا فيها قال الزبير: والله ما هذا إلا من قول معاوية ولكنه جعله على لسان غيره.
خبر عائشة مع أم سلمة حين أرادت المسير إلى البصرة.
قال: وأقبلت عائشة حتى دخلت على أم سلمة (1) زوجة النبي صلى الله عليه وسلم وهي يومئذ بمكة، فقالت لها: يا بنت أبي أمية! إنك أول ظعينة هاجرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنت كبيرة أمهات المؤمنين وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم لنا بين بيتك، وقد خبرت أن القوم استتابوا عثمان بن عفان حتى إذا تاب وثبوا عليه فقتلوه، وقد أخبرني عبد الله بن عامر أن بالبصرة مائة ألف سيف يقتل فيها بعضهم بعضا، فهل لك أن تسيري بنا إلى البصرة لعل الله تبارك وتعالى أن يصلح هذا الامر على أيدينا؟ قال:
فقالت لها أم سلمة رحمة الله عليها: يا بنت أبي بكر! بدم عثمان تطلبين! والله لقد كنت من أشد الناس عليه، وما كنت تسميه إلا نعثلا، فما لك ودم عثمان؟ وعثمان رجل من عبد مناف وأنت امرأة من بني تيم بن مرة، ويحك يا عائشة! أعلى علي وابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرجين وقد بايعه المهاجرون والأنصار؟ ثم جعلت أم سلمة رحمة الله عليها تذكر عائشة فضائل علي رضي الله عنه وعبد الله بن الزبير على الباب يسمع ذلك كله، فصاح بأم سلمة وقال: يا بنت أبي أمية! إننا قد عرفنا عداوتك لآل الزبير، فقالت أم سلمة: والله لتوردنها ثم لا تصدرنها أنت ولا أبوك! أتطمع أن يرضى المهاجرون والأنصار بأبيك الزبير وصاحبه طلحة وعلي بن أبي طالب حي وهو ولي كل مؤمن ومؤمنة (2)؟ فقال عبد الله بن الزبير: ما سمعنا هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم