وصارت مصر بأجمعها في يد عبد الله بن سعد بن أبي سرح، قال: وعزم قسطنطين بن هرقل على محاربة المسلمين ثانية في البحر، فجمع أهل مملكته ثم كتب إلى كل من يسكن الضواحي والسواحل من الروم فحشرهم إليه، فاجتمع عنده خلق كثير عظيم، فتجهز وخرج من قسطنطينية في ألفي ومائتي مركب يريد الفسطاط من أرض مصر، قال: فركب الملعون في أيام ريح عاصفة وقد كانت البطارقة أشارت عليه أن لا يركب في مثل تلك الأيام، فأبى عليهم وخالفهم وركب، فلما توسط البحر هاجت الريح عليهم، فكان الموج يرفع المركب في الهواء ثم يلعب بها لعبا، قال: فكان قسطنطين في ألفي ومائتي مركب فما أفلت منها شيء إلا المركب الذي كان فيه فإنه نجا وألقته الرياح إلى جزيرة في البحر عظيمة يقال لها سقلية (1)، قال: فلما خرج إليها قسطنطين بن هرقل قالوا له: أيها الملك! لقد أشمت بالنصرانية أعداءها وأفنيت رجالها، قال: ثم إنهم اصطنعوا له حماما ليدخله، فلما دخل الحمام دخلوا عليه بالخناجر فقتلوه، ويقال: إنهم ذبحوه ذبحا. قال: وبلغ ذلك عثمان بن عفان فقال: الحمد لله الذي عجل هلاكه فقد كان عدوا لأهل الاسلام.
ذكر فتح إفريقية على يدي عبد الله بن سعد بن أبي سرح.
قال: ثم كتب عبد الله بن سعد بن أبي سرح أمير مصر إلى عثمان بن عفان يستأذنه في غزو إفريقية ويخبره في كتابه بكثرة أمواله وضعف رجالها (2). قال:
فكتب إليه عثمان بن عفان: إني غير فاعل ذلك فلا آذن لك فيه، لأني قد شهدت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول: لا أغزيت إفريقية أحدا من المسلمين أبدا ما