بقبرص؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين! قال: فصفها لي، قال: نعم، هي جزيرة واسعة عريضة طويلة، يذكر أهلها أنها ثمانون فرسخا في عرض مثل ذلك، فيها أنهار ومزارع وأشجار وكرون وألوان الثمار، وفيها قصور ذاهبة في الهوى، وهي مع ذلك كثيرة الخيل والبغال والحمير والغنم والبقر، قال عثمان: فكيف قدرتم عليها؟
فقال: والله يا أمير المؤمنين ما هو إلا أن وفيناهم ونظروا إلى مراكبنا قد أرسيت إلى ساحلهم حتى خضعوا وذلوا وأعطوا بأيديهم صاغرين، فقال عثمان: ذلك من فضل الله ورحمته بعباده المؤمنين. قال: ثم قسم عثمان ذلك الخمس في أهل المدينة، فأخذ منه بحقه ودفع إلى كل ذي حق حقه وأخذ تلك الجارية لنفسه، فلما صار إلى منزله نظر إليها فإذا هي جارية وضيئة حسناء، قال: فشق ذلك على نائلة بنت الفرافصة زوجة عثمان فقطبت لذلك، فقال لها عثمان: ما شأنك يا نائلة! أتحبين أن أهبها لك؟ قالت: نعم يا عثمان! فقال عثمان: هي لك، قال: فشق ذلك على الجارية فقالت: لا أحب أن أكون لامرأة، ردني إلى أمير الشام حتى يفعل بي ما يريد، قال: فردها عثمان إلى معاوية، فأخذها لنفسه فكانت عنده إلى أن توفيت ولم يكن له منها ولد - والله أعلم -.
ذكر فتح جزيرة رودس (1) على يدي معاوية بن أبي سفيان.
قال: ثم كتب معاوية أيضا إلى عثمان بن عفان رضي الله عنهما يستأذنه في فتح جزيرة أخرى في البحر يقال لها رودس (2)، قال: فاستشار عثمان المسلمين في ذلك، فقال المسلمون: يا أمير المؤمنين! إن المسلمين قد فتحوا جزيرة قبرص وقد اجتروا عليها وعلى ركوب البحر، فائذن لهم في ذلك فعسى الله أن يغنمهم إياها، قال: فكتب عثمان إلى معاوية أني قد أذنت لك فيما سألت فاتق الله ولا تضيع الحزم، وإن خوفت من البحر شيئا فلا تركبنه فإن هوله عظيم.