وانفرق علي يريد أصحابه فصاح به صائح من ورائه، فالتفت وإذا بعبد الله بن خلف الخزاعي، وهو صاحب منزل عائشة بالبصرة، فلما رآه علي عرفه فناداه: ما تشاء يا بن خلف؟ قال: هل لك في المبارزة؟ قال علي: ما أكره ذلك ولكن ويحك يا ابن خلف! ما راحتك في القتل وقد علمت من أنا؟ فقال عبد الله بن خلف: دعني من مدحك يا بن أبي طالب! وادن مني لترى أينا يقتل صاحبه! ثم أنشد شعرا، فأجابه علي عليه، والتقوا للضرب فبادره عبد الله بن خلف بضربة دفعها علي بحجفته، ثم انحرف عنه علي فضربه ضربة رمى بيمينه ثم ضربه أخرى فأطار قحف رأسه.
ثم خرج علي إلى أصحابه، وخرج مبارز بن عوف الضبي من أصحاب الجمل وجعل يقول شعرا، قال: فخرج إليه عبد الله بن نهشل من أصحاب علي مجيبا له على شعره، ثم حمل على الضبي فقتله، فخرج من بعد الضبي ابن عم له يقال له ثور بن عدي وهو ينشد شعرا، فخرج إليه محمد بن أبي بكر مجيبا له وهو يقول شعرا، ثم شد عليه محمد بن أبي بكر فضربه ضربة رمى بيمينه ثم ضربه ثانية فقتله.
قال: فغضبت عائشة وقالت: ناولوني كفا من حصباء، فناولوها فحصبت بها أصحاب علي وقالت: شاهت الوجوه! فصاح بها رجل من أصحاب علي رضي الله عنه، وقال: يا عائشة! وما رميت إذ رميت ولكن الشيطان رمى، ثم جعل يقول شعرا:
قد جئت يا عيش لتعليمنا * وتنشر البرد لتهزمينا وتقذفي الحصباء جهلا فينا * فعن قليل سوف تعلمينا ذكر مقتل طلحة بن عبيد الله قال: وجعل طلحة ينادي بأعلى صوته: عباد الله! الصبر الصبر! إن بعد الصبر النصر والاجر، قال: فنظر إليه مروان بن الحكم فقال لغلام له: ويلك يا غلام! والله إني لاعلم أنه ما حرض على قتل عثمان يوم الدار أحد كتحريض طلحة ولا قتله سواه! ولكن استرني فأنت حر، قال: فستره الغلام، ورمى مروان بسهم مسموم لطلحة بن عبيد الله فأصابه به (1)، فسقط طلحة لما به وقد غمي عليه، ثم