فلما ورد كتابه على معاوية فقرأه ورفع رأسه إلى الرسول وقال: أظنك ممن قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه! فقال الأنصاري: وأنا أظنك يا معاوية ممن استنصره عثمان فلم ينصره ولكن خذله وقعد عنه، قال: فغضب معاوية من ذلك وقال: ارجع إذا إلى صاحبك بغير جواب فإن رسولي في أثرك إن شاء الله تعالى. قال: فانصرف الأنصاري إلى علي رضي الله عنه وأخبره بذلك.
خبر الوليد بن عقبة (1) بن أبي معيط وسبب عداوته مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
قال: وبلغ الوليد بن عقبة بن أبي معيط، وكان عدوا لعلي رضي الله عنه، وذلك أن عليا هو الذي أشار على عثمان أن يقيم عليه الحد في شرب الخمر لما شهد عليه أهل الكوفة بشربه، وذلك أنه كان والي الكوفة، فصلى بهم الفجر أربعا وهو سكران، ثم التفت إليهم وقال: أزيدكم! فعلم الناس أنه سكران لا يعقل من أمره شيئا، وأنشأ الحطيئة العبسي يقول في ذلك شعرا (2). وقيل فيه غير هذا، ثم إنه جلد الحد بين يدي عثمان بن عفان بمشورة علي رضي الله عنه، فحقدها عليه (3).
وقد كان قبل ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم جرى بينه وبين علي كلام، فقال الوليد لعلي: أنا أحد منك سنانا وأسلط منك لسانا، وأملأ منك حشوا للكتيبة، فقال له علي: اسكت! فإنما أنت فاسق، فغضب الوليد من ذلك وشكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك، فنزلت فيه هذه الآية: (أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون) (4)