بالدفوف، المغنيات وقد دنت الزحوف، فأنتم يا بني أمية الشجرة الملعونة في القرآن، لا ينكر ذلك إنس ولا جان، ولا أحد من أهل الايمان، فأولكم ردي، وأوسطكم دريء، وشريفكم دنيء، وآخركم مسيء.
ألا فخذها يا أخا أمية * يكون في قلبك منها كيه لا تفخرن بعدها عليه * ما تركت فخرا لكم سميه قال: ثم مر الشيخ على وجهه حتى لحق بالعير، وبقي هشام حيرانا لا يدري بما يقول، ثم أقبل على غلامه ربيع فقال: ويلك يا ربيع! رأيت ما منينا به في هذا اليوم من هذا الشيخ! والله لقد أظلمت الدنيا علي حتى ظننت أني لا أبصر شيئا!
ولكن هل تحفظ من كلامه شيئا؟ فقال ربيع: يا أمير المؤمنين! والله لقد بقيت متحيرا لا أعقل من أمري شيئا، ولقد هممت أن أعلوه بالسيف مرارا لولا هيبتك، فكيف أحفظ ما قال! فقال هشام: لكني والله قد حفظته، ولو علمت أنك تحفظه لضربت عنقك.
قال: ثم رجع هشام إلى أصحابه ووجه الخيل في طلب الشيخ وعزم على قتله، قال: فكان الشيخ داهيا، فوقع في قلبه أنه هشام بن عبد الملك واتقى ما قال وخشي الطلب، فعدل عن الطريق وأخذ في البرية على مياه بني كلاب، فطلب فلم يقدر عليه، ومضى حتى دخل الكوفة، فلم يزل هشام متأسفا على ما فاته من قتل الشيخ. قال: فكان ربيع يقول: والله ما شذ عني من كلام الشيخ شيء وإني لأحفظه وما حدثت بهذا الحديث أحدا حتى مات هشام.
ثم رجعنا إلى الخبر.
قال: ثم دعا على أهل الرقة فقال: اعقدوا لي جسرا على هذا الفرات حتى أعبر عليه أنا وأصحابي إلى قتال معاوية، فأبوا ذلك، وعلم علي رضي الله عنه هوى أهل الرقة في معاوية، فتركهم ونادى في أصحابه: نمضي لكي نعبر على جسر منبج (1).
قال: فخرج الأشتر إلى أهل الرقة مغضبا وقال: والله يا أهل الرقة! لئن لم