قال: ثم وثب شاعر أهل الشام فجعل يحرض على القتال وهو يقول أبياتا مطلعها:
إن بالشام يا معاوي قوما * يبذلون النفوس والأموالا إلى آخرها.
ذكر ذواق لأهل الشام من حرب أصحاب علي رضي الله عنه.
قال: ونزل علي على شاطئ الفرات حذاء مدينة الرقة، وبلغ ذلك معاوية، فدعا بأبي الأعور السلمي، فضم إليه جيشا كثيفا من أهل الشام، ثم قال: سر بهذا الجيش نحو علي، فلعلك أن تواقعه وقعة قبل مصيره إلينا. قال: فسار أبو الأعور في جند من أهل الشام يريد عليا، وبلغ ذلك عليا، فدعا زياد بن النضر وشريح بن هانيء فضم إليهما جيشا (1) وقدمهم بين يديه نحو أبي الأعور، قال: فساروا حتى إذا بلغوا إلى الموضع الذي فيه أهل الشام (2) نظروا إلى جيش عظيم، فلم يقاتلوا وبعثوا إلى علي فأخبروه بذلك.
قال: فدعا علي بالأشتر النخعي فقال: يا مالك! إن زياد بن النضر وشريح بن هانئ أرسلا إلي يعلماني أنهما لقيا أبا الأعور في جند من أهل الشام كثيف، وقد أخبرني الرسول أنه ترك القوم متوقفين (3)، فالنجاء النجاء إلى أصحابك! فإذا أتيت القوم فلا تبدأهم بقتال حتى يبدأوك، ثم ادعهم (4) واعذر إليهم مرة بعد أخرى، فإن أجابوك، إلى ما تريد فالحمد لله على ذلك، وإن أبوا إلا القتال فاستعن بالله عز وجل عليهم، فالقهم بحد وجد، وابعث إلي بخبرك، وما يكون منك ومن أمرك إن شاء الله - والسلام -.
قال: فسار الأشتر في جيش خشن ومعه يومئذ هاشم بن عتبة بن أبي وقاص حتى وافى بهم القوم، فلما نظر أبو الأعور إلى جند أهل العراق قد وافوا صاح