عمرو بن جرموز فقال: ويحك! لم قتله؟ فقال: قتلته والله وأنا أعلم أن ذلك مما يرضيك، ولولا ذلك لما قدمت عليه، فقال علي رضي الله عنه: ويحك! فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بشر قاتل ابن صفية بالنار)! قال: فوثب عمرو بن جرموز من بين يدي علي رضي الله عنه وهو يقول: لا والله ما ندري أنقاتل معكم أم عليكم! ثم انصرف عن علي وهو يقول أبياتا مطلعها:
أتيت عليا برأس الزبير * وكيف كنت أرجو منه الزلفة (1) إلى آخرها.
وصية علي لأهل عسكره بما يحب أن يكون منهم في الحرب.
قال: وجعل علي رضي الله عنه يعبي أصحابه ويوصيهم وهو يقول: أيها الناس! غضبوا أبصاركم وأكثروا من ذكر ربكم، وإياكم وكثرة الكلام فإنه فشل.
قال: ونظرت إليه عائشة وهو يجول بين الصفوف، فقالت: انظروا إليه كأن فعله فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر، أما والله! ما ينتظر بكم إلا زوال الشمس، فقال علي رضي الله عنه: يا عائشة! (عما قليل ليصبحن ندمين) (2).
قال: وجعل أهل البصرة يرمون أصحاب علي بالنبل حتى عقروا منهم جماعة فقالت الناس: يا أمير المؤمنين! إنه قد عقرتنا نبالهم فما انتظارك؟ فقال علي رضي الله عنه: اللهم إني قد أعذرت وأنذرت فكن لي عليهم من المساعدين.
خبر الفتى الذي حمل المصحف إلى أصحاب الجمل يدعوهم إليه.
قال: ثم دعا علي بالدرع فأفرغه عليه وتقلد بسيفه واعتجر بعمامته واستوى