عثمان رضي الله عنه: أي أشرار قدمتهم على أخياركم! فتقدم رجل من قراء الكوفة يدعى زيد بن حسين الطائي وقال: لقد كان رجل صالح رأى منكرا فأنكره بلسانه من أجل إعلاء كلمة الحق وإطفاء نائرة الظلم وقبل أن يتحرك من مكانه ضربوه حتى عض الأرض بأسنانه، وإنني أتكلم بهذا الكلام فإن كنت تريد أن تأمر بضربي فاعلم بأني قد توقعت ذلك فأناشدك الله أن تعود يا عثمان وأن تتخلى عن الاعمال التي ينكرونها عليك وإلا فإن المؤمنين من قريش سيخرجون عن طاعتك ويخلعونك. فقال عثمان: إنني تبت وتركت كل شيء تكرهونه وأعاهدكم بأن أعمل بكتاب الله وسنة رسوله فقالوا: إن تفعل هكذا فنحن مطيعون لامرك ونقبل بحكمك ثم أمر عثمان بأن ينزلوهم في خير منزل ويكرموهم، ثم كتب جوابا لأهل الكوفة على هذا النحو.
رسالة أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه لأهل الكوفة.
أما بعد، فاعلموا يا أهل الكوفة بأن رسالتكم قد وصلت وقرئت وقد تعجبت فيما كتبتموه كما عجبت لجرأتكم علي، وعيبكم إياي بما لم أفعله ولم آمر به، وتأملت في من يكون صاحب هذه الجرأة فلم أر سوى نزغات الشيطان، وليس سوى إبليس يستطيع أن يملي مثل هذه الرسالة فضقت بمبلغ جهالتكم، وعلمت بأنكم مغدورين ومفتونين ومع كل ذلك تظنون أنفسكم على طريق الهداية وعلى الصراط المستقيم، وقد كتبتم أن أرسل إليكم أبا موسى الأشعري ليقوم بشؤونكم ويصلي بكم وأن أرسل إليكم حذيفة بن اليمان ليقبض الخراج، وإن كان هذا يعد تحكما منكم وقد أجبتكم يا أهل الكوفة إلى ذلك، فاتقوا الله الذي إليه ترجعون ولا تلقوا بأنفسكم إلى الفتنة، ولا تفارقوا الجماعة ولا تقبلوا كلاما لم أقله ولا تنسبوا إلي عملا لم أفعله وإنني لن أطيع هواكم وأخالف ما أرى أنه الحق وأطلب لي ولكم الهداية من الله وإنني مواظب على طاعة الله جل ذكره حتى يرضى عنا ولا حول ولا قوة إلا بالله (1).
ثم أرسل إليهم أبا موسى الأشعري إلى الكوفة وحذيفة بن اليمان إلى سوادها.
ثم عاد الأشتر بعد أن قضى أربعين يوما بين الجيش الذي اجتمع لديه. وكان يتردد عليه أبو موسى الأشعري وقد قام كل من أبو موسى وحذيفة بأداء واجبه على طريق العدل وكانوا يحسنون معاملة الناس.
وبعد أن سير أمير المؤمنين أبا موسى وحذيفة إلى الكوفة صعد المنبر وخطب