المؤمنين! ما حلفت إلا على حق ولقد كنت أعطيت أهل رامهرمز أمانا وعهدا مؤكدا وأجلا ستة أشهر. قال: فغضب عمر رضي الله عنه ثم قال: يا هذا! فإن كنت أعطيتهم أمانا كما تقول وعهدا وأجلا فلم وجهت إليهم الخيل حتى فعلوا بهم ما فعلوا؟ يا هذا! إني قد ائتمنتك على ما هو أعظم من ذلك كله فأنت وربك أعلم.
قال: ثم أمر عمر بإشخاص زياد بن عبيد وجارية أبي موسى إلى ما قبله، فأشخصا جميعا، فأما عقيلة (1) فأخذها منه عمر بثمنها وكانت عنده إلى أن قتل عنها، وأما زياد بن عبيد فإنه لما دخل على عمر رضي الله عنه سلم ورد عليه السلام، ثم إنه أجلسه بين يديه ثم قال له: كم عطاؤك؟ قال: ألفان يا أمير المؤمنين قال عمر: فما صنعت بأول عطاء خرج لك؟ فقال (2): اشتريت به أبي وكان عبدا مملوكا فاشتريته وأعتقته، قال عمر: نعم ما رأيت، قال: ثم سأله عمر عن القرآن والسنن والفرائض فوجده كما أحب، فأمره بالرجوع إلى البصرة وأوصى أبا موسى بحفظه. قال: وأقام أبو موسى عند عمر بن الخطاب أياما ثم استأذن فأذن له فرجع إلى عمله بالبصرة.
ذكر فتح نهاوند وحروبها واجتماع الفرس بها.
قال: وتحركت الأعاجم بأرض نهاوند (3) واجتمعوا بها، وكتب بعضهم إلى بعض أن يكون اجتماعهم بها، قال: فاجتمع أهل الري وسمنان والدامغان وما والاها بنهاوند في عشرين ألفا، وأهل ساوه وهمذان في عشرة آلاف وأهل نهاوند خاصة في عشرة آلاف، وأهل قم وقاشان في عشرين ألفا، وأهل أصفهان في عشرين ألفا، وأهل فارس وكرمان في أربعين ألفا، قال: ثم بعثوا إلى أذربيجان يستمدونهم إلى حرب العرب، فأقبل إليهم أهل أذربيجان في ثلاثين ألفا، فذلك خمسون ألفا ومائة ألف (4) ما بين فارس وراجل من المرازبة والأساورة والابطال المعدودين المذكورين في كل بلد من أرض الفرس، ثم إنهم جمعوا نيفا وسبعين فيلا يريدون التهويل على خيول المسلمين، ثم أقبل بعضهم على بعض فقالوا: إن