فأخذ بعضهم في البر وبعضهم في البحر حتى قدموا على علي بن أبي طالب، فاستقبلهم علي رضي الله عنه ورحب بهم وأدناهم وحياهم، ثم قال: يا أهل الكوفة! إنكم وليتم شوكة الأعاجم وملوكهم ففضضتم جموعهم وهدمتم عزهم، حتى صارت إليكم مواريثهم وأموالهم، ثم منعتم (1) حوزتكم وأعنتم الناس على عدوهم، وقد دعوتكم الان لتشهدوا معنا إخواننا هؤلاء من أهل البصرة، فإن يتقوا الله ويرجعوا فذلك ما تريدون وإن أبوا ذلك نداويهم (2) باللين والشدة، ولسنا ندع أمرا فيه صلاح إلا آثرناه على ما فيه الفساد إن شاء الله ولا قوة إلا بالله.
قال: فاجتمع الناس بذي قار مع علي بن أبي طالب ستة آلاف من أهل المدينة وأهل مصر وأهل الحجاز وتسعة آلاف (3) من أهل الكوفة وجعل الناس يجتمعون حتى صاروا في تسعة عشر ألف رجل من فارس وراجل، وسار علي رضي الله عنه عن ذي قار يريد البصرة في جميع أصحابه والناس يتلاحقون به من كل أوب.
ذكر تعبية أهل البصرة للحرب.
قال: وبلغ طلحة والزبير أن عليا قد تقارب من البصرة في خيله وجمعه، فعزموا على تعبية الناس، فكانت الخيل كلها إلى طلحة ورجالة إلى عبد الله بن الزبير، وعلى خيل الميمنة مروان بن الحكم وعلى رجالتها عبد الرحمن (4) بن عتاب بن أسيد، وعلى خيل الميسرة هلال بن وكيع الدارمي، وعلى رجالتها حاتم بن بكير الباهلي، وعلى الجناح عمر بن طلحة، وعلى رجالتها عبد الله بن حكيم بن حزام، وعلى خيل الكمين جندب بن يزيد المجاشعي، وعلى رجالتها مجاشع بن مسعود السلمي (5).
قال: وصاح رجل من بني ضبة: وطنوا أنفسكم على الصبر، فإنه يلقاكم أسد