كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٢ - الصفحة ٤١٨
العاص! وأنت أيضا ممن توليت على الناس فيما بلغني وتسعى في الساعين علي حتى قد أضرمتها وأسعرتها ثم تدخل مسلما علي! فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين! إنه لا خير لي في جوارك بعد هذا، ثم خرج عمرو من ساعته ومضى حتى قد صار إلى الشام ونزل بأرض فلسطين وكان بها مقيما.
قال: ثم أقبل عثمان حتى أشرف على الناس ثانية فسلم عليهم، فردوا عليه سلاما ضعيفا، فقال عثمان: أفيكم طلحة؟ قال: نعم ها أنا ذا، فقال عثمان:
سبحان الله! ما كنت أظن أن أسلم على جماعة أنت فيهم ولا ترد علي السلام، فقال طلحة: إني قد رددت عليك، فقال عثمان: لا والله ما ذلك لك يا أبا محمد! إني أسمعتك السلام ولم تسمعني الرد. قال: وسمع عثمان بعضهم يقول: لا نقتله ولكنا نعزله، فقال عثمان: أما عزلي فلا يكون، وأما قتلي فعسى وأنا أرجو أن ألقى الله وبأسكم بينكم، قال: وتكلم رجل من الأنصار يقال له مجمع بن جارية (1) فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، أخاف والله أن يقتل هذا الرجل، فقال له رجل من الصحابة: وإن قتل فماذا والله نبي مرسل ولا ملك مقرب! قال: وعثمان مشرف من جدار داره يسمع ذلك.
ذكر استمالة القلوب بعد إياسه من نصرة عماله.
فقال عثمان: أههنا سعد بن أبي وقاص؟ أههنا الزبير بن العوام؟ فقالا:
نعم، نحن ههنا فقل ما تشاء! فقال: ناشدتكم الله تعالى جميعا بالذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما: (من يبتاع لي مربد بني فلان غفر الله له)، فابتعته ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إني قد ابتعت لك مربد فلان، فقال: (اجعله في المسجد وأجره لك)، ففعلت ذلك؟ فقالوا: قد كان ذلك، قال عثمان: اللهم أشهد! ثم قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما: (من يبتاع بئر رومة غفر الله له)، فابتعتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك)، ففعلت ذلك؟ فقالوا: قد كان ذلك، قال

(١) عن الإصابة، وهو مجمع بن جارية بن عامر بن مجمع بن العطاف... بن عوف الأنصاري الأوسي.
بعثه عمر إلى الكوفة يعلمهم القرآن. وبالأصل حارثة بدل جارية. تحريف.
(٤١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 423 ... » »»
الفهرست