العاص! وأنت أيضا ممن توليت على الناس فيما بلغني وتسعى في الساعين علي حتى قد أضرمتها وأسعرتها ثم تدخل مسلما علي! فقال عمرو بن العاص: يا أمير المؤمنين! إنه لا خير لي في جوارك بعد هذا، ثم خرج عمرو من ساعته ومضى حتى قد صار إلى الشام ونزل بأرض فلسطين وكان بها مقيما.
قال: ثم أقبل عثمان حتى أشرف على الناس ثانية فسلم عليهم، فردوا عليه سلاما ضعيفا، فقال عثمان: أفيكم طلحة؟ قال: نعم ها أنا ذا، فقال عثمان:
سبحان الله! ما كنت أظن أن أسلم على جماعة أنت فيهم ولا ترد علي السلام، فقال طلحة: إني قد رددت عليك، فقال عثمان: لا والله ما ذلك لك يا أبا محمد! إني أسمعتك السلام ولم تسمعني الرد. قال: وسمع عثمان بعضهم يقول: لا نقتله ولكنا نعزله، فقال عثمان: أما عزلي فلا يكون، وأما قتلي فعسى وأنا أرجو أن ألقى الله وبأسكم بينكم، قال: وتكلم رجل من الأنصار يقال له مجمع بن جارية (1) فقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، أخاف والله أن يقتل هذا الرجل، فقال له رجل من الصحابة: وإن قتل فماذا والله نبي مرسل ولا ملك مقرب! قال: وعثمان مشرف من جدار داره يسمع ذلك.
ذكر استمالة القلوب بعد إياسه من نصرة عماله.
فقال عثمان: أههنا سعد بن أبي وقاص؟ أههنا الزبير بن العوام؟ فقالا:
نعم، نحن ههنا فقل ما تشاء! فقال: ناشدتكم الله تعالى جميعا بالذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما: (من يبتاع لي مربد بني فلان غفر الله له)، فابتعته ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله! إني قد ابتعت لك مربد فلان، فقال: (اجعله في المسجد وأجره لك)، ففعلت ذلك؟ فقالوا: قد كان ذلك، قال عثمان: اللهم أشهد! ثم قال: أنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو هل تعلمون أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوما: (من يبتاع بئر رومة غفر الله له)، فابتعتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
(اجعلها سقاية للمسلمين وأجرها لك)، ففعلت ذلك؟ فقالوا: قد كان ذلك، قال