على بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم دعا بالمصحف فأخذ بيده ثم قال (1): أيها الناس! من يأخذ هذا المصحف فيدعو هؤلاء القوم إلى ما فيه؟ قال (2): فوثب غلام من مجاشع يقال له: مسلم، عليه قباء أبيض فقال: أنا آخذه يا أمير المؤمنين! فقال له علي يا فتى! إن يدك اليمنى تقطع، فتأخذه باليسرى، فتقطع ثم تضرب عليه بالسيف حتى تقتل؟ فقال الفتى: لا صبر لي على ذلك. قال: فنادى علي الثانية والمصحف في يده، فقام إليه ذلك الفتى وقال: أنا آخذه يا أمير المؤمنين! فهذا قليل في ذات الله.
ثم أخذ الفتى المصحف وانطلق به إليهم، فقال: يا هؤلاء! هذا كتاب الله عز وجل بيننا وبينكم، قال: فضرب رجل من أصحاب الجمل يده اليمنى فقطعها، فأخذ المصحف بشماله فقطعها، فاحتضن المصحف بصدره، فضرب على صدره حتى قتل - رحمه الله (3) -.
قال: فنظرت إليه أمه وقد قتل، فأنشأت تقول أبياتا مطلعها:
يا رب إن مسلما أتاهم * بمحكم التنزيل إذ دعاهم (4) إلى آخرها.
قال: وأنشأ ابن عم له يرثيه ويقول أبياتا مطلعها:
تناوله شقي منهم بضربة * أبان بها يمناه حتى تصوب إلى آخرها.
ذكر إذن علي حينئذ في القتال.
ثم دفع علي رضي الله عنه رايته إلى ابنه محمد ابن الحنفية وقال: تقدم يا بني! فتقدم محمد ثم وقف بالراية لا يبرح، فصاح به علي رضي الله عنه: اقتحم لا أم لك! فحمل محمد الراية فطعن بها في أصحاب الجمل طعنا منكرا وعلي ينظر،