الحجاز هم الحكام على جميع الناس لمكانهم من الهجرة والجهاد في سبيل الله بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وإن كان في أيديكم مثل ما في أيديهم فكانوا هم في الامر وأشركوهم في المشورة، فإن الله لا يستحيي من الحق، ثم أنشأ أبياتا يقول مطلعها:
قل لقوم يرون حرب علي * احرزوا الشام لا تروموا العراقا إلى آخرها.
قال: فلما سمع معاوية شعره أمر به، فلبب وخنق وشتم وسحب، وهم بقتله، فقاموا واستوهبوه من معاوية، فلحق الفتى بالعراق وصار إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ذكر ادعاء معاوية استحقاق الخلافة لنفسه.
قال: ثم أقبل معاوية على أصحابه فقال: يا هؤلاء! أخبروني بماذا صار علي بن أبي طالب أولى بهذا الامر مني، والله! إني لكاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت أختي تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإني لعامل عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وأمي هند بنت عتبة بن ربيعة، وأبي أبو سفيان بن حرب، وإن كان قد بايعه أهل الحجاز وأهل العراق فقد بايعني أهل الشام، وإن هؤلاء في الامر سواء، ومن غلب على شيء فهو له.
قال: وانصرف معاوية إلى منزله، فلما أصبح إذا برقعة موضوعة على بساطه فيها أبيات من الشعر، مطلعها:
معاوي لله من خلقه * عباد قلوبهم قاسيه وقلبك من شر تلك القلوب * وليس المطيعة كالعاصيه إلى آخرها.
قال: فلم يروعه ذلك أن دعا بدواة وبياض وكتب إلى علي رضي الله عنه (1):
أما بعد فلو كنت على ما كان من قبلك لما قاتلتك ولا استحللت، ولكنه إنما أفسد