أبا حسن إن ثبيت الأمور * ستأتيك باللبث والحسره إلى آخرها.
قال: فتعجب علي رضي الله عنه من قول الغلام ثم دنا منه فقال: يا غلام!
من يقول هذه الأبيات؟ فاستوى الغلام جالسا وقال: أنا أقولها يا أمير المؤمنين!
قال: فتاركوه متاركة الأهل، لا الحريم ممن كان لله مجيئا ولدعوة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه مجيبا، قال: فتركه علي رضي الله عنه وانصرف وهو يقول أبياتا مطلعها:
لقد طال ليلي فالحزين موكل * حذارا لامر عاجل ومؤجل إلى آخرها.
قال: وأصبح علي رضي الله عنه فصلى بالناس صلاة الصبح ثم جعلت يحدث بعضهم بما سمع من الغلام ثم أمر طلحة والزبير، فقال الناس: يا أمير المؤمنين!
يد الله على من لم ينكث وقد برئ الله ممن نكث، ثم تفرق الناس ودخل علي رضي الله عنه إلى منزله، وأنشأ خزيمة بن ثابت الأنصاري أبياتا مطلعها:
إذا نحن بايعنا عليا فحسبنا * أبو حسن مما نخاف من الفتن (1) إلى آخرها.
ذكر خروج طلحة والزبير إلى مكة معتمرا زعما وما أزمعا عليه من الخروج على علي رضي الله عنه والنكث بعده.
قال: ثم أقبل الزبير وطلحة إلى علي رضي الله عنه فاستأذناه في العمرة، فقال لهما علي رضي الله عنه: إنكما ليس إلى العمرة تريدان، وقد كنت قلت لكما في أول الامر: إنكما تفعلان أمر من الأمور، فأبيتما إلا بيعتي طائعين غير مكرهين: